أريد بناء الشخصية المسلمة ولا أستطيع.. " 2 "


هناك العديد من الأمور التى نمر بها فى حياتنا واحيانا يبقى الفكر فى شتات .. بين أريد ولا أريد .. أو بين الرغبة  والنفور  .. 

هنا ومن خلال سلسلة مقالات يقدمها لكم عضو من أعضاء لجنة الفتوى بالأزهر الشريف  يعرض من خلالها بعض المشكلات وكيفية التخلص منها وطرح الحلول المناسبه لها  . 

كتب _ فايز الصياد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف 

الحلقة الثانية 

 أريد بناء الشخصية المسلمة سلوكاً وقيماً واخلاقاً ولا استطيع!

  اهتم الإسلام  ببناء الشخصية المسلمة اهتماماً خاصاً من حيث ضبط السلوك  وتحقيق التوازن النفسي وتحصيل سبل السعادة والطمأنينة للنفس والقلب معا.

المشكلة الأولى : التخلية قبل التحلية. 

يجب عليك أولا تخلية قلبك من كل رزيلة ظاهرة أو باطنة وتذكية الفؤاد واللسان ولا تجد ذلك كاملا إلا الأخلاق والقيم الإسلامية . فالإسلام يقدم لنا قيمه  النبيلة وأخلاقه الفاضلة ومن بينها مراعاة الذوق العام  وإجادة فن التعامل مع الغير   ومن هنا لابدّ أن نعي هذا الجانب في حياتنا  وأن نعيره اهتمامنا وأن ونربي أبناءنا عليه إحياءً لسنة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وإقامةً لدعائم السعادة الدنيويّة التي وُعدنا بها قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

المشكلة الثانيـة : هل يضيق الإسلام علينا في الحياة الشخصية. 

الإسلام لم يتدخل لإجبار أحد على تغيير بعض طباعه الفطرية  المقبولة تأكيداً منه على احترام الخصوصيّات للأشخاص والأقاليم والأعراف المقبولة اجتماعياً مالم تخالف النصوص الشرعية ومن ذلك مسألة الطعام والشراب واختلاف أذواق الناس فيها .

ومثال هذا كثير 

فالطعام والشراب مسائل ذوقيّة تختلف نتيجة لاعتبارات مختلفة.

 أما الذوق المكتسب والأدب الجمّ والحياة المدنيّة فقد طلب الإسلام منا أن نعيشها بضوابط وادابا

 فالنبيَّ ــ صلى الله عليه وسلم ــ هو صاحب الشخصية الكاملة والقدوة المثلى للعالمين، في ذوقه ورفقه ولطفه ولباقته وتحبّبه للآخرين ، ويكفيه في هذا شهادة الله تعالى إذ يقول له: ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .

المشكلة الثالثة: ما هي أهداف التربية الإسلامية. 

لعل الهدف الأسمى من الرسالة الإسلامية في هذه التوجيهات القرآنية والنبوية ، هو بناء وتكوين الشخصية المسلمة المتكاملة والمتميزة ، في تعاملها على الصعيد الشخصي و الأسري و الاجتماعي .

 فعلى الصعيد الشخصي  دعا الإسلام إلى مراعاة الذوق والاهتمام به في كثير من القضايا والامور الشخصية التي تتصل بالإنسان ذاته ومنها :

أولاً : الشخصية ومنها 

١- الاهتمام بالهندام وحسن المظهر .

فقد روي  أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا قدم الوفد ــ أي قدم أناس غرباء لزيارته ـ لبس أحسن ثيابه  وأمر عِلْيَة أصحابه بذلك .

٢- الرفق بالنفس ولو في أداء العبادة .

ومن هنا دعا الإسلام إلى الرفق بالنفس وتجنّب إجهادها أو تحميلها ما لا تطيق  ولو بقصد تطويعها وتذليلها ، كما دعا إلى تجنّب الشدة والخشونة معها  أو حملها على غير الفطرة المعتدلة الموزونة .

 بل إنَّ الإسلام أرشدنا إلى تحرّي المعافاة من البلاء وتجنيب النفس شر الدعاء عليها بالسوء وحثَّ على إكرامها ونهى عن احتقار الإنسان لنفسه وذلك من أجل أن تصاغ صياغة كريمة أبيّة تسعى في الخير وتحقق الفلاح والرفعة لها ولغيرها.

 ثانياً : الإجتماعية

 وفي سبيل الدعوة إلى ممارسة الذوق واللباقة على الصعيد الاجتماعي والإنساني نجد ان الإسلام  قد شرع أصولاً وآداباً في السلوك والعلاقات  وأحاطها بسياج من اللباقة والذوق الرفيع ، واللطف والرقة والشفافية منها ما يلي :

1ــ وجوب البشاشة في وجوه الآخرين.

ولا يخفى ما في البشاشة عند اللقاء من دلالة على حس مرهف وذوق رفيع وتبادل للمشاعر الكريمة  وحب وتآلف وتقارب روحي ونفسي ، ففي الحديث : ( لا تحقرنّ من المعروف شيئاً  ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ). 

2ـ مراعاة إنزال الناس منازلهم.

طوهذا خلق كريم وذوق رفيع يدل على بعد النظر صاحبه ومعرفته بفضائل الناس ومنازلهم فقد روي عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أمرنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أن ننزل الناس منازلهم .

٣- وجوب الاستئذان حال دخول على الآخرين:

     فقد دعا الإسلام إلى الاستئذان قبل الدخول على الآخرين مراعاة لخصوصياتهم ولئلا يفاجئوا بالداخلين عليهم فيطّلعوا منهم على ما يكرهون وأمر بتجنّب الوقوف أمام فتحة الباب حال الاسئذان وحثّ على كل تصرف فيه معنى الذوق واللباقة واللطف قال الله تعالى: 

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا )

ثم قال : ( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) .

٤- عدم تناجي الاثنين دون الثالث : 

وذلك رعاية لمشاعره  ولئلا يظن أنه غير مؤتمن على السرّ  فقد  روى  أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث حتى تحتلطوا بالناس  من أجل أن ذلك يحزنه ). 

٥- الامتناع عن ذم الطعام أو انتقاصه :

وخاصة في حضور الآخرين الذين ربما كانوا يحبونه ويفضّلونه على غيره.

٦- وجوب  مراعاة أعراف الناس واحترام عاداتهم ومناسباتهم وتقدير مشاعرهم : 

وذلك ما لم تخالف النصوص الشرعية  فقد روى  عن أنس بن مالك قال : ( لما أراد النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أن يكتب إلى الروم فقيل له : إنهم لن يقرؤوا كتابتك إذا لم يكن مختوماً فاتَّخذ خاتَماً من فضة ونقشه : محمد رسول الله ).

واخيرا:

 علينا أن ندرك بجلاء ووضوح  أن مراعاة الذوق العام والتحلي بأدابه وأحكامه مطلب شرعي وواجب ديني لضبط سلوك الفرد والمجتمع .

   فما احوجنا  إلى مراعاة ملامح بناء الشخصية المسلمة  في كل قول أو فعل أو معاملة مع الكبير والصغير والقريب والبعيد والعالم وغيره و المرأة والابناء اقتداء بالنبي عليه السلام صاحب المقام الرفيع والأخلاق الحميدة التي جسدت ذوقا عاليا نبيلا استحوذ على قلوب أصحابه وأمته وصدق الله العظيم إذ يقول:

(وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين).

وعندما أمتثل لهذا التوجيه أكن استطيع ...

نسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى .

تعليقات

المشاركات الشائعة