الجزء السابع من دراسه الانتصار

 


كتب - جمال النجار 

الجزء السابع من دراسه الانتصار العسكرى المصرى على العدوان الثلاثى فى الميزان العسكرى والاستراتيجى 

اليوم الخميس ١ نوفمبر ١٩٥٦

فى الخامسه فجرا

اربع طائرات ميج-17 من السرب الاول بقيادة قائد التشكيل البطل ( الحناوي ) قامت بضربة جديدة ضد لواء المظليين 202 الذي يقوده شارون في ممر متلا ، ونجح التشكيل في تدمير اعداد من العربات الاسرائيلية  في هذه العملية 

 الرئيس جمال عبد الناصر يصدر اوامر للطيران المصرى بتجنب الدخول فى معارك جويه مع الطيران الانجليزى والفرنسى نظرا لفارق القوه لان اى معركة معهم ستعنى تدمير الطائرات المصريه ومقتل الطيارين المصريين دون اى نتيجه لصالح مصر

وتعويض الطائرات يمكن ان يتم بسرعه بيننا تعويض الطيار يحتاج سنوات طويله 

فحفاظا على حياة الطيارين المصريين امر عبد الناصر بتحييد الطيران المصرى واخراجه من المعركة وامر بسرعه نقل اكبر عدد من الطائرات الى سوريا والمملكه العربية السعودية ( كانت نظريه عبد الناصر ان الحرب مع بريطانيا وفرنسا معركة سريعه وستنتهى ولكن هناك صراع طويل سيمتد مع اسرائيل )

وهكذا تم انقاذ ٦٠٪ من الطائرات المصريه وانقاذ كل الطيارين المصريين 

 وهكذا اصبح على الجيش المصرى ان يقاتل بدون غطاء او دعم جوى

واصبح على القوات المصرية فى سيناء ان تنسحب بدون غطاء ودعم جوى وتحت رحمه طيران العدو فى الصحراء المكشوفه

واصبح على عناصر الدفاع الجوى المرافقه لتلك القوات ( رغم ضعفها وقلتها ) ان تتحمل عبىء التصدى لطيران العدو

مع حلول الساعة الخامسة صباحا قامت اولي القاذفات البريطانية والفرنسية بالاقلاع من قواعدها في قبرص بمهمة استكمال تدمير القوات الجوية المصرية وهي علي الارض واستكمال قصف المدن المصرية ومعسكرات الجيش المصرى ومحطات السكك الحديد والطرق 

 وبعد ربع ساعة بالضبط من ذلك قامت حاملات الطائرات  البريطانية

بالتواجد على بعد ٩٠ كيلو متر فقط شمال الاسكندرية 

 واصبح الموقف 

مصر كلها اصبحت بدون غطاء جوى وعناصر دفاعها الجوى اضعف من ان تتصدى لاثنين من اكبر اسلحه الطيران فى العالم 

ولم يكن لذلك الا معنى واحد وهو  فناء وابادة كل القوات المصريه فى سيناء وفى كل انحاء مصر

وتدمير كل المدن المصريه 

ونجاح العدو فى غزو مصر

وان الحرب فعلا ستكون نزهه جميله على ضفاف قناة السويس  للقوات الانجليزية والفرنسيه تنتهى بنزهه جميله لهم على ضفاف النيل وسقوط نظام حكم عبد الناصر وسقوط مصر تحت الاحتلال الانجليزى

وادرك عبد الناصر حقيقه المؤامرة التى دبرت وان من اهدافها حصار الجيش المصرى فى سيناء وتدميره

 فامر بسرعه سحب القوات المصرية من سيناء الى غرب القناة لانقاذها من الابادة واستخدامها فى مواجهه القوات المعتديه غرب القناة

على ان تتمسك الكتائب السته ( ٦ ) المكلفه بالدفاع عن سيناء بمواقعها لمدة ٤٨ ساعة لستر انسحاب القوات المصرية ( تصرف عسكرى محترف وقرار سليم تماما طبقا لعلم فن الحرب )

  واصدر عبد الناصر اوامره بتفعيل خطة حرب العصابات التى سبق ان وضعتها هيأه عمليات الجيش المصرى موضع التنفيذ

 وأسند إلى زكريا محيي الدين مسئولية قيادة المقاومة الشعبية

بينما أسند إلى كمال الدين حسين قيادة الفدائيين بمنطقة القناة

 وسبق ان أخفيت الأسلحة والمعدات اللازمة لتنفيذ تلك الخطة في أماكن اختيرت في القاهرة والاسكندرية ومدن القناة وكل مدن الوجه البحري 

 وجابت عربات الجيش الشوارع حاملة مكبرات صوت تدعو الناس إلى الجهاد ومقاومة الغزاة. 

 واعلنت مصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا وفرنسا، واستولت على ممتلكاتهم فى مصر

ورغم المستحيل الناشىء عن السيادة الجوية لطيران العدو على سماء مصر كلها 

 تم سحب الفرقه الرابعه المدرعه من سيناء بنجاح 

وتم اعادة تجميعها فى الاسماعيلية 

ونجحت الكثير من الوحدات المصريه فى الانسحاب بنجاح

 ولكن ( فيما بعد عانت الكتائب التى كانت على الحدود والتى كلفت بتعطيل الجيش الاسرائيلى وستر انسحاب القوات المصرية  الكثير وهى تنسحب 

فقد استهدفها الطيران الفرنسى بالقصف ودمر عرباتها ورغم ذلك نجح الكثير من الافراد فى اتمام انسحابهم الى غرب القناة سيرا على الاقدام وتحملوا الاهوال فى طريقهم 

ولكنهم نجحوا فى النهايه فى العودة واعيد تنظيمهم فى وحدات كلفت بالمشاركه فى القتال ( عمل لا يقدر عليه الا المصريين )

 اذاعة صوت العرب المصرية تقود الاعلام المصرى وتنقل للعالم حقيقه العدوان الغادر 

  المملكة العربية السعودية تعلن قطع علاقتها الدبلوماسية والسياسية مع فرنسا وانجلترا 

 ومنعت السعودية جميع الطائرات التابعة لشركات رأسمالها فرنسي أو بريطاني من الطيران في أجواء المملكة

 كما أوقفت شحن النفط إليهما

 وأوقفت المملكة ضخ النفط لمعامل التكرير بالبحرين التي كانت تقع تحت الحماية البريطانية.

 امراء الاسرة المالكه السعودية بقيادة الامير سلمان امير الرياض يتطوعون بالجيش المصرى لمواجهه العدوان  

 هذا الموقف السعودى القوى اربك امريكا واوروبا فلم تكن امريكا تتوقع موقف سعودى بقوة ان يتطوع امراء الاسرة المالكه انفسهم بالجيش المصرى

وارتبكت كل الحسابات الامريكية الاوروبية 

 ثم أصدرت السعودية البلاغ الآتى :

بالنظر للاعتداء الصارخ الذي قامت به إنجلترا وفرنسا على الشقيقة مصر ، بدون مبرر على الإطلاق ، في حالة كونها ضحية للاعتداء الإسرائيلي ، فإن الحكومة العربية السعودية أصدرت أوامرها إلى الجهات المختصة بمنع شحن وتموين جميع السفن الإنجليزية والفرنسية ، وأيضا السفن الأخرى التي تتجه بحمولتها إلى هذين البلدين ، من جميع منتجات البترول السعودي .

 واصبح على كل دول وشركات اوروبا ان تعيد حساباتها من موقفها من العدوان

 لنعد الان الى  مذكرات موشى ديان رئيس اركان الجيش الاسرائيلى والقائد العام له فى عدوان ١٩٥٦ حيث يقول عن القتال يوم ١ نوفمبر

  اليوم حدثت محاولة ثالثة لإحتلال أم قطف لكنها فشلت أيضاً وذلك رغم أن موشى ديان هو الذى خطط لها وأمر بتنفيذها مهما كانت الخسائر فى الأرواح فادحة ..) وترتب على هذا الفشل عزل قائد اللواء العاشر الاسرائيلى فى نفس اليوم .

موشى ديان قام بعزل قائد لواء اسرائيلى لان ذلك القائد وتحت امرته لواء مشكل من ثلاث كتائب مشاه وكتيبه مدفعيه وكتيبة دبابات فشل فى تخطى مقاومه كتيبه مصرية معزوله عن باقى وحدات الجيش المصرى ولا يوجد معها دبابات ولا يوجد طيران يدعمها بل وصدرت لها اوامر بالانسحاب من قيادتها ولكن الكتيبه تمسكت بالارض وظلت تحارب حتى تجد الظروف المناسبه لتنفيذ امر الانسحاب 

انا افتخر  كونى مصرى انتمى الى هؤلاءالرجال 

 بينما يقول  المحلل العسكرى الانجليزى الشهير إدجار أوبلانس فى كتابه ( حملة سيناء ) الذى صدر عام ١٩٥٩ 

 تعليقا على القتال يوم ١ نوفمبر  ( فإن المصريين فقدوا نصف ما فقدت إسرائيل من طائرات وقد أسقط المصريين الطائرات الإسرائيلية بالمدفعية المضادة للطائرات التى كانت دقيقة فى إصابتها إلى أبعد الحدود )

 ويكمل اوبلانس تعليقا على القتال يوم ١ نوفمبر ( معركة أبى عجيلة فى شمال سيناء فقد فوجئ المهاجمون الإسرائيليون من قبل المدافعين المصريين المتمركزين بشكل جيد وعانوا من خسائر فادحة على أيدى المصريين بعد قتال شديد للغاية إستمر ثلاثة أيام )

حقيقة ما حدث فى منطقه ام قطف

نجح قائد كتيبه المشاه من اللواء السادس ( ل. 6 مشاة ) المصري الذي كلف بالدفاع عن منطقه ام قطف في صد الهجمات المتتالية للقوات الإسرائيلية، بل ونجحت قواته في تنفيذ هجوم مضاد، وحتى مع التفاف القوات الإسرائيلية حولها (من الشرق باللواء 10 مشاة، من الغرب باللواء 7 مدرع، من الجنوب الشرقي باللواء 37 ميكانيكي، من الجنوب الغربي باللواء 4 مشاة) لم تنجح في اختراق الدفاعات المصرية، وقُتل خلال المعارك قائد اللواء 37 ميكانيكي الاسرائيلى  وعلى إثر ذلك الفشل قام قائد القيادة الجنوبية بعزل قائد اللواء 10 مشاة الاسرائيلى وتعيين اخر مكانه وظلت القوات المصرية صامدة بأم قطف دون إمدادات ورغم ذلك تقاتل وتكبد القوات الإسرائيلية خسائر فادحة حتى وصلت إليها أوامر القائد العام المصرى  بالانسحاب شأنها شأن جميع القوات المصرية في سيناء، ونجحت قوات اللواء 6 مشاة المصري في إخلاء أغلب أفرادها وتعطيل وتدميرمعداتها الثقيلة ( طبقا لفن الحرب حتى لا يستفيد منها العدو ) دون أن تشعر بها القوات الإسرائيلية، وعندما عاودت القوات الإسرائيلية ظهر يوم 2 نوفمبر الهجوم من الشرق والغرب بسريتي دبابات بعد تمهيد مدفعي وجوي، اشتبكت القوات الإسرائيلية مع بعضها بالمواقع الخالية وتحطمت 8 دبابات إسرائيلية. وذكر موشى ديان تعليقا قي مذكراته عن "معركة أم قطف" بقوله

إنها المكان الذي قاتل فيه المصريون على أفضل وجه، بينما قاتل الإسرائيليون على أسوأ صورة 

بينما قال السير / انتونى ناتج الدبلوماسى الانجليزى فى كتابه ناصر تعليقا على قتال قوات الجيش المصرى بسيناء 

(إن المصريين فى سيناء لم تنقصهم الشجاعةأو الجرأة فقد قاتلوا فى عدة مواقع بعناد وبطولة ضد عدو متفوق فى عدد الرجال بنسبة لا تقل عن ثلاثة إلى واحد) 

بل إن المؤرخين العسكريين الإسرائيلين ـ فى مستوى توسكان ـ لم يستطيعوا فيما بعد الإمساك عن الإشادةبأعمال باسلة مثل مقاومة سرية مشاة مصرية فى سد الروافع شمال سيناء لهجمات متكررة من جانب لواء مدرع إسرائيلى مسلح بدبابات سوبر شيرمان الأمريكية)

يعنى سريه مشاه مصريه معزوله فى وسط جبال شمال سيناء فى منطقه سد الروافع  تمكنت من صد لواء مدرع اسرائيلى يتكون من ثلاث كتائب دبابات معها اكثر من ١٠٠ دبابه امريكية  من احدث واقوى الدبابات فى العالم  ومعه كتيبه مشاه تتكون من ثلاث سرايا مشاه ورغم كل هذه القوه الجبارة تمكنت سريه مشاه مصريه من صد ذلك اللواء واجبرته على التوقف الى درجه ان يشيد مؤرخ اسرائيلى بقتالها وينشر ذلك دبلوماسى انجليزى فى كتابه 

( فلنفتخر اننا مصريين فقد دفع جيشنا ثمن ذلك )

نلتقى غدا مع تطورات القتال يوم ٢ نوفمبر


تعليقات

المشاركات الشائعة