العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦

 


كتب - جمال النجار 

الجزء السادس من دراسه الانتصار العسكرى المصرى على العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ فى الميزان العسكرى والاستراتيجى

اليوم الاربعاء ٣١ اكتوبر ١٩٥٦ 

 طبقا لخطه المؤامره كان يفترض ان يبدأ القصف الانجليزى الفرنسى لمصر فجر اليوم الاربعاء ٣١ اكتوبر ولكن الدولتان تخبران اسرائيل بتأجيل القصف اربعه وعشرين ساعه 

بدأ تحرك الاسطول البريطانى من قاعدة مالطه

وتحرك الاسطول الفرنسى من قواعده بالجزائر 

 الست كتائب المصرية تتمسك بمواقعها فى سيناء وتقاتل بشراسه وتكبد القوات الاسرائيليه خسائر فادحه 

 الطيران المصرى يستأنف غاراته الجويه ويستهدف القوات الاسرائيليه بالقصف ويلحق بها خسائر فادحه

 الفرقه الرابعه المدرعه المصريه تكمل عبورها الى سيناء وتستعد لمهاجمة القوات الاسرائيلية 

 بن جوريون رئيس وزراء اسرائيل ينهار تحت وقع اخبار الخسائر الاسرائيلية ويشعر ان انجلترا وفرنسا ورطوا اسرائيل فى الحرب  وانهم لن يشاركوا فى العدوان فيأمر بسرعه الغاء العمليه وسرعه سحب القوات الاسرائيلية من سيناء فورا 

ولكن موشى ديان رئيس الاركان والقائد العام للجيش الاسرائيلى  يصمم على الانتظار الى الليل ليسحب قواته تحت جنح الظلام 

وفى كتاب ( الطريق إلى السويس )

 للكاتب البريطانى أرسكين تشيلدرز 1962 من سلسلة كتب سياسية 

ترجمة خيرى حماد 

 يستشهد الكاتب برأى

 العقيد البريطانى / إدجار أوبلانس

 وهو صحفى ومحاضر متخصص فى العلاقات الدولية

  لو لم يقع التدخل الانجليزى الفرنسى  لطالت حملة سيناء أياماً وأياماً وأسابيع وأسابيع ولكن إسرائيل كانت ستخرج من القتال حتماً وهى مثخنة بالجراح ومجهدة مالياً وإقتصادياً ومادياً وكانت خسائرها فى الأرواح ستبلغ حداً مرعباً بالنسبة إلى دولة صغيرة كإسرائيل 

اربع طائرات بريطانية وسبع طائرات فرنسيه تطير على ارتفاعات عاليه جدا خارج قدرات الطيران المصرى وخارج قدرات وسائل الدفاع المصرية تطير فوق مصر كلها ( طائرات استطلاع لرصد اخر الاوضاع لقوات الجيش المصرى )

مع مقدم المساء

 الطيران المصرى يقوم بتنفيذ ١٠٠ ( مئه ) غارة جوية على اسرائيل

 جري ضرب مطار رامات دافيد خمس مرات‏:‏ في الساعة‏7.45‏ مساء وبعدها بربع ساعة وفي الساعة الثامنة و‏55‏ دقيقة و في التاسعة و‏42‏ دقيقة و المرة الأخيرة كانت في الساعة العاشرة مساء‏.‏

جري ضرب مطار عكير ثلاث مرات‏:‏ في الساعة‏7.55‏ و‏8.25‏ و‏8.40‏ مساء

 جري ضرب مطار كاستينا مرة و احدة‏:‏ في الساعة الثامنة و دقيقتين مساء‏.‏

 كان الهجوم الجوي المصرى ناجحا بصفة عامة رغم الحماية الفرنسية الجوية وقد أعترف موشى ديان نفسه بتدمير عدد من طائراته و هي علي الأرض‏.‏

العدوان الانجليزى الفرنسى الغادر على مصر

بينما كانت القيادة الاسرائيلية تستعد لاصدار اوامرها لقواتها بالانسحاب من سيناء 

 بدأ الهجوم الانجليزى الفرنسى الغادر على مصر

التاسعه والنصف  مساء الاربعاء ٣١ اكتوبر ١٩٥٦ بذريعة رفض الإنذار البريطانى الفرنسى الذى كان لا بد من رفضه

 أطلقت قيادة الحلفاء فى شرق البحر الأبيض قوة جوية ضمت 

120 قاذفة قنابل تعمل من قواعد مالطة وقبرص

 و200 قاذفة مقاتلة بريطانية فرنسية

 و250 مقاتلة انطلقت من حاملات الطائرات الخمسة فى شرق المتوسط

 لتقصف كل المطارات والقواعد الجويه المصرية

 ومحطات السكك الحديدية والطرق المصريه

 وتجمعات الجيش المصرى ومعسكراته الرئيسيه 

والمدن المدن المصريه ذات الكثافه السكانية العالية

واستمر القصف طيله ليله ( ٣١ اكتوبر / ١نوفمبر )

 تعرضت القاهرة والاسكندرية وبورسعيد والسويس والاسماعيلية  لتكرار الغارات المكثفه فى تلك الليلة والتى استهدفت الاحياء السكنية لقتل اكبر عدد من المدنيين لاثاره الخوف والرعب ودفع المدنيين للتمرد والثوره على نظام عبدالناصر  بجانب قصف معسكرات الجيش المصرى 

رغم القصف الجوى استمرت قاعدة غرب القاهره فى ارسال القاذفات المصرية لتهاجم اسرائيل ثم تعود الى القاعده لتطلق مرة ثانيه لتهاجم المطارات الاسرائيلية 

انها مصر تتحدى المستحيل 

 تعليقا على قتال يوم ٣١ اكتوبر 

فى مذكراته يعترف موشى ديان الفصل ــ 15 بأن حملة إسرائيل على سيناء 

 عملية قادش 

 لم تكن بالسهولة التى صورتها الدعاية اليهودية فيما بعد .. وذلك على الرغم من ان الجيش المصرى قد إنسحب من سيناء ولم يبقى منه سوى 6 كتائب فقط( أى أن الجيش الذى لا يقهر لم يحارب سوى 6 كتائب فقط كانت فى مواقع متقدمة من سيناء ... ومع ذلك ... وكما يضيف موشى ديان ) فشل اللواء الإسرائيلى العاشر فى الإستيلاء على أم قطف أكثر من مرة حتى أنه ضاق ذرعاً بالضباط ـ

ولم أستمع إلى شكاواهم من الصعوبات التى تواجههم 

( كنت أعلم أن التعب قد حل برجالهم كما أن الإمدادات لم تصل إليهم فى الوقت المناسب وكنت أعلم أيضاً ببرودة الجو ليلاً وشدة الحرارة نهاراً ، وأن مواسير بنادقهم قد سدتها الأتربة وأن مركباتهم قد إنغرست فى الطين .. كنت أعلم ذلك كله .. ولكن لم يكن لدى أى حلول لمثل هذه المشاكل إلا بإستئصالها ، وليس بإستطاعتى أن أغير طبيعة النقب )

ويكمل ديان قائلا 

 وقد قام اللواء بمهاجمة أم قطف فى ليلة 31 أكتوبر فلم يسفر ذلك الهجوم عن شيئ ومن ناحية أخرى فإن وحدات اللواء المدرع السابع والثلاثين التى تقدمت فى وقت لاحق من تلك الليلة ـ يدفعها الإصرار والتصميم ـ فشلت أيضاً فى إحتلال أم قطف والواقع أن ضباط تلك الوحدة كانوا متلهفين للغاية لإجتياح دفاعات العدو فتقدموا تحملهم عربات نصف مجنزرة دون إنتظار دعم الدبابات التى تأخرت وقد أسهم فى فشلنا معلومات القيادة الجنوبية الخاطئة والإفتقار إلى خطة سليمة للعمليات العسكرية وإستخدام قوات غيرا كافية 

فى كتاب ( حملة سيناء 1959 )

 لادجار أوبلانس يقول أوبلانس  : أن ماحدث للمظلين الإسرائليين بقيادة إريل شارون ـ خلال اليوم الأول واليوم الثانى ( ٢٩ / ٣٠ اكتوبر ) من أخطر وأكبر أخطاء الجيش الإسرائيلى .. لقد فشل شارون فى تحديد المكان المطلوب لإنزال المظليين وهو ممر متلا وبدلاً من أن يتراجع خالف أوامر رئاسته وزحف من موقعه نحو مزيد من العمق فعانى نتيجة ذلك من خسائر كبيرة جداً على أيدى المصريين .

 ديان يحاول فى مذكراته تبرير الهزيمه الكارثيه التى الحقتها قوات مصريه قليله بجيشه

حيث تمكنت ست ( ٦ ) كتائب مصريه فقط بدون دبابات 

 تمكنت من التصدى لتسعه الويه مدرعه ومشاه اسرائيلية (٢٧ كتيبة )

والحقت بها خسائر فادحه جعلت رئيس الوزراء الاسرائيلى يأمر بايقاف العمليه وسرعه سحب القوات الاسرائيلية من سيناء ولولا ان الهجوم الفرنسى الانجليزى فى مساء نفس اليوم  انقذ اسرائيل لكتب تاريخ جديد للمنطقه فى ذلك اليوم

 بيان عسكرى من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية 

فى هذه الليلة ( ٣١ اكتوبر ١٩٥٦ ) قامت المدمرة المصرية ابراهيم الاول بضرب ميناء حيفا وأدت واجبها على خير وجه وأصابت الميناء بتلفيات جسيمه 

وفى طريق عودتها إلى قاعدتها وعلى بعد أربعين ميلا من حيفا اشتبكت معها ثلاث سفن حربيه تساندها ثلاث طائرات 

واستمر الاشتباك لمده ثلاث ساعات أصيبت خلالها ماكينات المدمرة وتعطلت عن الحركة 

صدرت الأوامر للرائد بحرى / حسن رشدى طمازين 

قبطان المدمرة ابراهيم الأول

 بالتحرك والتوجه للسواحل الاسرائيليه ومهاجمه ميناء حيفا الاسرائيلى وقصف وتدمير القاعدة البحرية الاسرائيليه به وقصف وتدمير ارصفه الميناء وخزانات البترول به والتى كانت تستخدم فى تموين سفن الأسطولين الفرنسى والانجليزي الذين يقومون بالاعتداء على مصر بالبترول 

وأدرك القبطان / حسن رشدى طمازين ورجاله أنها مهمة ذات اتجاه بورسعيد حيفا الجنة

فهى مهمة مستحيلة التنفيذ أن تتوجه مدمره مصريه وحدها بدون اى دعم بحرى أو جوى لتتحدى الأسطول الفرنسى والاسرائيلى والطيران الفرنسى والاسرائيلى وتهاجم ميناء حيفا الاسرائيلى وحدها 

ولكنهم المصريين وإيمانهم العميق أن المستحيل لا يحمل الجنسية المصرية

تمكن القبطان رشدى طمازين من التسلل بالمدمرة من ميناء بورسعيد رغم حصار الأسطولين الانجليزى والفرنسى للميناء وسار بها محاذيا شواطئ سيناء ثم انطلق بها متجها إلى ميناء حيفا

واستطاع بخبرته وعلمه وشجاعته أن يتسلل بين السفن الفرنسية التى كانت تحمى الميناء الاسرائيلى 

وما أن دخلت المدمرة ابراهيم إلى ميناء حيفا حتى أمر رشدى طمازين بفتح نيران كل مدافع وأسلحه المدمرة فى اتجاه الميناء ومستودعات البترول بالميناء 

25 دقيقه كاملة ظلت خلالها المدمرة ابراهيم تقصف ميناء حيفا الاسرائيلى أطلقت خلالها 220 قذيفة مدفعيه على الميناء الذى تحول إلى قطعه من الجحيم حيث أدى انفجار مستودعات البترول إلى اشتعال الحرائق فى الميناء بأكمله والتهمت قذائف المدمرة كل التشوينات والمعدات والذخيرة وقطع الغيار والاحتياجات الفرنسيه والانجليزيه التى سبق تخزينها بالميناء

وهو ما اصاب قيادة قوات الغزو بالارتباك الاكيد فتعويض هذه التكديسات اثناء القتال مستحيل وقد وضعت خطه غزو مصر على اساس انه لن يكون هناك اى قدره لدى مصر لتنفيذ عمل مثل ذلك 

 وأصيبت القيادة الاسرائيليه بالذعر فأسرعت تطلب نجده الأسطول الفرنسى الذى كان مكلفا بحماية ميناء ايلات طبقا لاتفاقيه ( سيفر ) التى تم خلالها الاتفاق على مؤامرة الهجوم على مصر 

وسارع الأسطول الفرنسى بالتدخل فتوجهت بارجة القيادة الفرنسية ( جورج ليجوس ) وبصحبتها المدمرة الفرنسية ( بوفيه ) والمدمرة الفرنسية ( سير كوف ) والمدمرة الفرنسية ( كير سانت ) 

وهى أقوى واحدث قطع الأسطول الفرنسى بينما قامت الطائرات الاسرائيليه بالطيران على مستوى منخفض للبحث عن المدمرة ابراهيم

وصدرت الأوامر من القيادة المصرية للمدمرة ابراهيم بعدم العودة إلى السواحل المصرية حيث أن الأسطول الانجليزى والطيران الانجليزى يبحان عنها فى اتجاه مصر وان على المدمرة ابراهيم التوجه إلى ميناء صيدا أو ميناء بيروت  بلبنان 

وانطلق رشدى طمازين فى طريقه إلى لبنان بعد أن نجح فى أداء مهمته المستحيلة وحول ميناء حيفا الاسرائيلى إلى قطعه من الجحيم 

ولكن نجح الأسطول الفرنسى بأجهزته الحديثة فى تحديد خط سير المدمرة ابراهيم وانطلق الطيران الاسرائيلى ليدعمه فى القتال 

45 دقيقه تقاتل المدمرة ابراهيم بأسلحتها القديمة الضعيفة أقوى واحدث قطع الأسطول الفرنسى بأسلحتها القوية الحديثة يساندها الطيران الاسرائيلى والطيران الفرنسى 

45 دقيقه تقاتل المدمرة ابراهيم وحدها بدون اى دعم جوى أو بحرى ونفذت ذخيرة المدمرة ابراهيم 

وأصيب من طاقمها المكون من 98 مقاتلا  53 بطلا واستشهد اثنان 

وأصيبت غرفه المحركات بالمدمرة ابراهيم وأصيبت الدفة وعجزت المدمرة عن الحركة 

وحاول البطل رشدى طمازين ورجاله إغراق المدمرة حتى لا تقع فى يد العدو

ولكن

سارع الأسطول الفرنسى والزوارق الاسرائيليه بمحاصره المدمرة لأسرها

واستمرت معركة حصار المدمرة وأسرها 120 دقيقه 

وفوجئ القبطان رشدى طمازين باصطفاف القوه الاسرائيليه الفرنسية التى أسرت المدمرة وأدائهم التحية العسكرية له ولرجاله تقديرا لبطولتهم الخارقة ( أن خرجت المدمرة ابراهيم وحدها لتهاجم ميناء حيفا بدون اى دعم بحرى أو غطاء جوى ) واستبسالهم فى القتال 

إنها شجاعة عبقرية أجبرت العدو على احترام البطل ورجاله

وفى عام 57 تمت عمليه تبادل الأسرى بين مصر وإسرائيل فعاد البطل ورجاله الى مصر   وظل الرائد البطل رشدى طمازين يخدم بالقوات البحرية المصرية حتى أحيل إلى التقاعد برتبه عقيد بحرى 

كانت خطة الغزو تقتضى كما أقرها الجنرال / كيتلى

 قائد القوات الغازية المشتركة

 أن يتم إحتلال مصر كلها فى ستة أيام فقط بعد تركيعها بغارات الطيران ،،،

نلتقى غدا مع كيف تصدت مصر للعدوان الانجليزى الفرنسى وهل نجح الجنرال كيتلى فى تنفيذ خطته ؟

يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة