أضواء كاشفة .. الحلقة الثالثة والخمسين
كتبت - زهره مصطفى
ما زلنا نتابع معا حلقات أضواء كاشفة فى التعرف على فن الواو .. " فن تراثى "
ماذا تعرف عن
"فن الواو"
………
"فن الواو" هو واحد من مجموعة الفنون القولية الموروثة من الشعر الشعبى ، والتى تصاغ على قالب المربع ، هى كثيرة ، فمن تنوعها فى الأوزان الشعرية إلى تباين وتعدد طرق تقفيتها، لذا رأيت أن نطلق عليها جميعا اسم "عائلة التربيع" ، كما اقترحت أن نجدّد بعض التسميات فيها، بما يتناسب وطبيعة عصرنا الآنى ، وإيقاعه المتسارع . . فنسمّى كل واحد منها اسما خاصا، ينسحب عليه وحده دون غيره ، فنقول - على سبيل المثال - فن الواو ، و فن المربع الزجلى ، و فن المربوع
( الذى هو الدوبيت ) ، و فن الرباعية ، و فن الموال الرباعى ، و فن القوما ، و فن الكان وكان، و فن النميم ، و فن العِدّيد أو التعديدأو العديد
( جمع العدّودة ، والذى لا تقوله إلا النسوة فى صعيدمصر، وهو الشق الشعبى من رثاء الميت ) ، و فن الجنزير ، و فن السلسلة ...إلى آخره. . !
( مع مراعاة أننى أعلم أن كثيرا من النقاد والمنظّرين يرفضون هذا التقسيم ، ونحن نحترم رأيهم ونقدّره ، إذ أن لكل فريق أسبابه ، والقول الفصل - حول هذه الفنون - لا يخص فريقا دون آخر )
ونعود إلى قولنا فى شأن تجديد التسمية ، بشرط أن نعرف البحر الشعرى ، وكذا طريقة التقفية، لكل فن منها ، ويكون ذلك تعريفا لكل فن بعينه . . فعندما نقرأ أو نسمع مربعا بعينه ، نستطيع أن نحيله إلى صنفه أو نوعه ، وذلك لإزالة اللبس الذى ما زال يحدث لدَى جمهور هذه الفنون القولية - وحتى لدَى بعض القوالين الجدد أنفسهم -تحسّبًا للخلط الذى يحدث بين أفراد هذه العائلة ،
فمثلا الفرق بين المربع الزجلى ، و فن الواو، يجب أن يكون واضحا تماما ، وخصوصا بالنسبة للقوالين الذين يبدعون الفنون ، كما يجب أن نعلم الفرق بين هذه الفنون ، وشعر العامية المصرية ، إذ أن هناك فرقا جوهريا يجب الوقوف عليه ، ومعرفته معرفة جلية …!
*****
المربع الزجلى هو الذى يتبع فن الزجل ، وفن الزجل - كما هو معروف - هو شعر شعبى ، فى شكل القصيدة العربية ، أى يشاركها صفة الوزن ، والقافية ، وتعدّد البحور الشعرية ( مدرسة الشعر الشعبى كان بيرم التونسى رائدها ) والمربع الزجلى من شعر المقطعات و شعر المقطعات يعنى أن كل مربع مستقل بذاته فى فكرته ، وغير مرتبط بالمربع الذي يسبقه ، ولاالذى يلحقه، والذى تتكون "القولة " منه من أربعة أشطر تصاغ على أى بحر شعرى من البحور الخليلية - والبحر لا يتغير داخل العمل الواحد - وقد تسمى هذه الأشطر أغصانا، وفى الأغلب الأعمّ تكون تقفيتها بشكل معيّن، فالشطرات الثلاثة الأولى مشتركة القافية والشطر الرابع قافيته مختلفة ، وتستمر هذه الطريقة فى كل مربع تالى ، حيث تتغير قافية الأشطر الثلاثة الأولى ، مع المحافظة على قافية الشطر الرابع فى جنيع المربعات - والذى يسمونه عمود القصيدة - فعلى سبيل المثال ، يقول بيرم التونسى مخاطبا مصر :
(قالوا اللى يشرب من نيلك / لا بدّ يرجع ويْجيلك
وانااللى عطشان فى سبيلك/ الدنيا إيه اللى جرالْها
***
(لا سَطْل خَرّوب يسْعِفنى / ولا ابن نُكْتَة يكيّفْنى
ما يُقصُف العُمر و يفْنِى / غير الخلايق بعبلْها)
***
فالقافيتان (جرالها) و (بعبلها ) متفقتان ..!
ويقول بيرم - مخاطبا الفنان سيّد درويش - من بحر شعرى آخر :
(اتعدّ يومك واتحسب / من مهرجانات الأدب
فيه القصايد والخُطب / ترنّ لك مطَنْطِنَة )
***
(آهات كتيرة سمعتها / وانت عِشِقت و قُلتها
" آه" م الفؤاد طلّعتها / حسّيتها من قلبى أنا )
فالقافيتان (مطنطنة) و( قلبى انا ) متفقتان
…"
أما المربع من " فن الواو" ، فهو أيضا من شعر المقطعات ، وإذا كان المربع الزجلى لا يتقيد بموسيقا واحدة - أى غير مقيّد ببحر شعرى بعينه - نجد أن "فن الواو" يتقيّد بنظام تقفية معيّن ، فضلا عن أنه يصاغ على نسق موسيقى خاص ، وهذا الفن منتشر فى صعيد مصر، ويطلق عليه أحيانا اسم "المربع "
*****
(يتبع 👈 )
الشاعر/ عبد الستار سليم
ناقد وباحث فى التراث
متابعة الشاعرة / همت مصطفى
المستشار الاعلامى للشاعر عبد الستار سليم
تعليقات
إرسال تعليق