أضواء كاشفة .. الحلقة الخمسين

 


كتبت - زهره مصطفى 

فى الحلقات السابقة  والحوار عن فن الواو .. الفن المتميز  بحب معظم فئات الشعب .. 

تناولت الحلقات دراسة وافية لفن الواو  مع الباحث / عبد الستار سليم  .. سنقدم من خلال حلقاتنا كل ما هو جديد ليزداد التواصل جمالا مميزا  . 


                      ماذا تعرف عن 

                   فن الواو 

                       …..

فى مجال الحديث عن  " فن الواو "  والقالب التربيعى بشكل عام ، لا يمكن إغفال ما قام به الشاعر بيرم التونسى من إدخال ما يظنه الكثيرون أنه ابتداع لبحور شعرية جديدة ، وبالقطع ليس هو كذلك ، ولكن هو عزف على أوتار  الدوائر العروضية الخليلية الشهيرة ، وأن ما فعله بيرم هو لا يتعدى عن كونه على غرار ما هو معروف فى علم العروض  بعمليات  الشطر، والجزْأ ، والنّهْك

 يقول بيرم التونسى :

والحب  والفقر  اجتمع   / على الجدع 

اللى ما شافِش أو سِمِع / غير النكد

***


وشاف جموع  متصفّفة  / وقت الصّفا 

وشاف ملايكة   مرفرفة  / هنا   و هنا

*** 


والحب ليه حلم وأمل /  يعمل  عمل 

وكل من  حَب اتّصل /  إلا       أنا

***

هنا نظام التقفية هو نظام تقفية المربع الزجلى ، 

و لكن هنا  نجد عدد تفعيلات الشطر الأول تفعيلتان ، فى حين أن الشطر الثانى يشتمل على تفعيلة واحدة فقط ..

وهذا يعتبر تغيير فى موسيقا البحر الشعرى - وبالمناسبة فإن الموسيقا الجديدة لا تسمى بحرًا بالمعنى الخليلى

( لأن البحرالشعرى يستلزم أن يكون فيه الشطران متساويين موسيقيّاً ) ، فنحن نعلم أن :

البيت الشعرى التام هو ما استوفَى تفعيلاته حسب الدوائر العروضية ، 

و" المجزوء "  منه هو ما أُسقِط عروضه وضربه 

( العروض هى آخر تفعيلة فى الشطر الأول ، أما الضرب فهو آخر تفعيلة فى الشطر الثانى ) مثلما حدث فى البحرالشعرى الذى يصاغ منه فن الواو. ، وهو بحر المجتث الدى لا يأتى إلا مجزوءًا، فوزنه حسب الدوائر العروضية هو 

( مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن / مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن ) 

فلما حذفت تفعيلتا العَروض والضرب ، أصبح الوزن الشعرى المستعمل هو

 (مستفعلن فاعلاتن / مستفعلن فاعلاتن ) 

أما "المشطور" فهو ما أُسقِط منه شطره …

وأما "المنهوك" فهو ما أسقط منه ثلثا مجموع أجزائه …

هذا فضلا عن الزحافات والعِلَل ، والتى هى التغيّر الذى يطرأعلى بنْية التفعيلة بالزيادة أو بالنقص ، أو بتسكين المتحرك ، وذلك حسب نظام معين 

  وما حدث فى المربع الزجلى حدث مثله -  من قبل - فى فنون ٠القول الشعبى ، أى أن هذا ليس بجديد ، فقد حدث فى " فن القوما" أن اتخذ قالبين مختلفين معماريا ، وسوف نتحدث عن ذلك فى الحلقة القادمة …!

*****

"القوما "  هو قالب قولى اشتُقّ اسمه من قول المسحّراتى فى بغداد - عاصمة الرشيد- " قوماللسحور" ينبّهون به ربّ المنزل ، فانطلق هذا الاسم ، وصار علما على هذا القالب ،  الذى يُنسَب إلى " ابن نقطة " الذى توفى وكان له ولد ماهر فى نظم " القوما" والغناء به ، جاء فى أول ليلة من رمضان  وغنّى - تحت قصر الخليفة العباسى - بصوت رقيق 

( يا سَيّد السادات/ لك فى الكرم عادات 

أنا بُنَىّ ابن نقطة/ تعيش .. أبى قد مات)

و كما نرى ، هذه " قولة " أو بيت يتكون من أربعة أقفال (أشطار) تتفق ثلاثة منها فى الوزن والقافية ، أما القفل الرابع فأطول منها ، وتُهمَل قافيته …!

ويقول صفىّ الدين الحِلّى بما تغنّى به المسحّرون

 (لا زال سعدك جديد/ دايم وجدك سعيد

ولا  برحت   مهنّى   /  بكل صوم  و عيد)

والقالب الثانى تتكون  المقطوعة منه - والتى تسمى بيتا - من ثلاثة أغصان (أو أقفال) ، تتفق فى القافية ، ولكنها تختلف فى الوزن ، حيث تتدرج فى الطول ، فالقُفل الأول أقصر من الثانى ، والثانى أقصر من الثالث ، ومن هذا القالب ما يُنسب إلى الشاعر العراقى صفىّ الدين الحِلّى الذى يقول :

كُـنّا مالك

 دون إخوانك وآلك 

سليتنا الله يجعلُه أول سؤالك

***

راموا قتالك

  والأذى منهم أتى لك

 وما نفع عنا انحرافك وانفتالك 

***

ضِدّك رثَى لك 

من خضوعك وامتثالك 

لمن تجد مثلُه  وما يلقَى مثالك 

***

وهذه "النظم من تفعيلة بحر الرمَل ( فاعلاتن )  

وهو ذلك التجديد فى الأوزان ، الذى عزف على وتره بيرم التونسى فى بعض أزجاله …!

وتعريف البيت الشعرى هو أنه ما استوفى سلسلة السواكن والمتحركات  جميعها، أى كل تفعيلاته حسب الدوائر العروضية الخليليلة ، وهو ينقسم إلى قسمين أو مصراعين  متساويين من حيث النغم …

أما مشطور البيت ، فهو ما تمّ حذف نصف تفعيلاته …

أما المنهوك ، فهو ما تمّ حذف ثُلُثا تفعيلاته …

 وعليه فإن القصيدة التى من المشطور أو المنهوك ، فهى أغصان( أشطار) وليست أبيات ، وهذه الأشطار تكتب عموديا وليس أفقيا …

والوزن الشعرى له معنيان : 

أحدهما "وزن البيت" ، وهو سلسلة السواكن والمتحركات 

وثانيهما "نموذج البيت" ، فيقال وزن  البسيط ، ووزن الكامل ، ووزن المتداك ، وهكذا …!

وأما عناصر الوزن  فهى ترتكز على الأسباب والأوتاد  والفواصل ، وذلك فى أجزاء محدودة يقال لها التفاعيل ، 

 والتفاعيل  عشر 

(فعولن ، فاعلن، مفاعيلن ، مفاعلتن ، فاعلاتن، فاع لاتن، متفاعلن، مستفعلن، مستفع لن، مفعولاتُ)

أما ما يسمى بالمقاطع العروضية، فتجمعها  عبارة 

(لمْ أرَ علَى ظهْر جَبَلٍ سَمَكَةً ) ولتفصيلها نقول  

- مع مراعاة أن التنوين  يمثل حرفا ساكنا-

* لم (/٥)حركة وسكون  = وتسمى السبب الخفيف ، وعلى وزنه  فى الكلمات مثل

  قدْ ، كىْ ، لمْ ، منْ ، عنْ  ، فى

* أرَ (// ) حركتان = وتسمى السبب الثقيل ، وعلى وزنه  فى الكلمات مثل

بِكَ، لكَ ، معَ

* على (//٥) حركتان وسكون = وتسمى الوتد المجموع ، 

وعلى وزنه  فى الكلمات  مثل

سما ، كتبْ ، مضَى 

* ظَهْرِ (/٥/) حركة وسكون وحركة = وتسمى بالوتد المفروق ، وعلى وزنه فى الكلمات  مثل

جاءَ ، عنْـكَ ، كيْفَ

* جَبَلٍ = جَبَلِنْ  (///٥) ثلاث حركات وسكون = وتسمى الفاصلة الصغرَى ، وعلى وزنها فى الكلمات 

ذَهَبَتْ ، أكلَا

* سمكةً = سَمَكَـتَنْ (////٥) = وتسمى الفاصلة الكبرى 

وعلى وزنها فى الكلمات 

ذَهَبَتَا ، عِنَبَة ٌ


***** 

                                                ( يتبع 👈 )



              الشاعر / عبد الستار سليم 

                 ناقد وباحث فى التراث

          متابعة الشاعرة  / همت مصطفى 

  المستشار الاعلامى للشاعر عبد الستار سليم 

تعليقات

المشاركات الشائعة