أضواء كاشفة .. الحلقة الرابعه والخمسين

 


كتبت - زهره مصطفى 

وصلنا الى مستوى لا باس به من دراسة فن الواو .. وتباعا لما سبق نستمر معكم .


                      ماذا تعرف عن 

                 "فن الواو" 

                    ………


وعليه فان كل "فن واو" مربع ، وليس كل مربع "فن واو" ، 

فالمربع الذى يقول :

الخيرعلى الناس عَمّ وفاض/وكل إنسان اسْتكْـفى 

و بس انا  ياعَمّ  رياض/  وقعت من   قَعْر القُفّة 

***

هذا المربع من بحر مختلف عن بحر "فن الواو" …!

ومثل قول أميرالشعراءشوقى (غنّاه عبد الوهاب) 

(الفجر شَقْشَق و فاض / على سواد الخميلة 

 لمَح  كلمْح البياض  /  من العيون الكحيلة)

***

هذا ليس من "فن الواو" لأن أسلوبه أسلوب الفصحى ، وألفاظه كلها ألفاظ الفصحى ، وهو ما يقع فيه كثير ممن يكتبون "فن الواو" الآن …!

ونظرًا لأن المربع هو مقطوعة مستقلة بذاتها، لذا أطلق عليها أهل الصناعة اسم  "قولة " - بضم القاف - وذلك من القول ، فالقُولة لها شخصيتها ، ولها مضمونها ، وعلى الرغم من وضوح المعانى التى تتضمنها هذه الأشعار - من هذا الفن - فقد استمدت هذه الأشعار جاذبيتها وأسباب خلودها من صياغتها الشعرية .. ولهاأن تُقال بمفردها، وقد تقال فى المحافل بدون موسيقا ، وقد تقال بمصاحبة آلة الربابة الشعبية المعروفة ، لدرجة أن معظم القوالين ، يجيدون العزف على هذه الآلة ، لدرجة أن الناس اعتادت أن تسمى شاعر " فن الواو" بشاعر الربابة ، وأشهر شعراء الربابة هم حفظة مربعات السيرة الهلالية ( سيرة بنى هلال ) التى اهتم بها الناس لأسباب نفسية واجتماعية ، فأصبحت هذه السيرة تطول وتطول ، إلى أن أصبحت ذات المليون مربع …

 وهناك صياغة أخرى من قالب الموال السبعاوى للسيرة الهلالية ، و مقرها" دلتا" مصر، ولكنها لم تنتشر انتشار السيرة المصاغة من مربعات " فن الواو" فى الصعيد ، وذلك لأسباب عِدّة ، منها طول الموال السبعاوى ، وصعوبة التوفيق بين قوافيه ، بالإضافة إلى صعوبة حفظ نصوصه بالنسبة للرواة ، وهناك سبب موسيقى مهم ، وهو أن مربعات "فن الواو" وجدت من يصنع لها جُمَلا موسيقية ( جمع جملة ) سهلة وبسيطة تصاحب المربع ، أما الموال ، ونضيف أن الموال كان فى الأصل يُنشد فى المحافل مثل القصيدة الشعرية ، قبل أن يذهب إلى ساحة الموسيقا والألحان …!

****

فى مجال الحديث عن "فن الواو" والقالب التربيعى بشكل عام ، لا يمكن إغفال ما قام به الشاعر بيرم التونسى من إدخال ما يظنه الكثيرون أنه ابتداع لبحور شعرية جديدة ، وبالقطع ليس هو كذلك ، ولكن هو عزف على أوتار  الدوائر العروضية الخليلية الشهيرة ، وأن ما فعله بيرم هو لا يتعدى عن كونه على غرار ما هو معروف فى علم العروض  بعمليات  الشطر، والجزْأ ، والنّهْك

 يقول بيرم التونسى :

والحب  والفقر  اجتمع   / على الجدع 

اللى ما شافِش أو سِمِع / غير النكد

***

وشاف جموع  متصفّفة  / وقت الصّفا 

وشاف ملايكة   مرفرفة  / هنا   و هنا

*** 

والحب ليه حلم وأمل /  يعمل  عمل 

وكل من  حَب اتّصل /  إلا     أنا

***

هنا نظام التقفية هو نظام تقفية المربع الزجلى ، و لكن هنا  نجد عدد تفعيلات الشطر الأول تفعيلتان ، فى حين أن الشطر الثانى يشتمل على تفعيلة واحدة فقط ..

وهذا يعتبر تغيير فى موسيقا البحر الشعرى - وبالمناسبة فإن الموسيقا الجديدة لا تسمى بحرًا بالمعنى الخليلى

(لأن البحرالشعرى يستلزم أن يكون فيه الشطران متساويين موسيقيّاً ) ، فنحن نعلم أن :

البيت الشعرى التام هو ما استوفَى تفعيلاته حسب الدوائر العروضية ، 

و"المجزوء"  منه هو ما أُسقِط عروضه وضربه 

( العروض هى آخر تفعيلة فى الشطر الأول ، أما الضرب فهو آخر تفعيلة فى الشطر الثانى ) مثلما حدث فى البحرالشعرى الذى يصاغ منه فن الواو. ، وهو بحر المجتث الدى لا يأتى إلا مجزوءًا، فوزنه حسب الدوائر العروضية هو ( مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن / مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن ) 

فلما حذفت تفعيلتا العَروض والضرب ، أصبح الوزن الشعرى المستعمل هو

 (مستفعلن فاعلاتن / مستفعلن فاعلاتن ) 

أما "المشطور" فهو ما أُسقِط منه شطره …

  وأما "المنهوك" فهو ما أسقط منه ثلثا مجموع أجزائه …

هذا فضلا عن الزحافات والعِلَل ، والتى هى التغيّر الذى يطرأعلى بنْية التفعيلة بالزيادة أو بالنقص ، أو بتسكين المتحرك ، وذلك حسب نظام معين 

*****

  وما حدث فى المربع الزجلى حدث مثله -  من قبل - فى فنون ٠القول الشعبى ، أى أن هذا ليس بجديد ، فقد حدث فى " فن القوما" أن اتخذ قالبين مختلفين معماريا ، وسوف نتحدث عن ذلك فى الحلقة القادمة …!

*****

                                                 ( يتبع 👈)

                  الشاعر/ عبدالستار سليم

                  ناقد وباحث فى التراث




              متابعة الشاعرة  / همت مصطفى 

   المستشار الاعلامى للشاعر عبد الستار سليم 

تعليقات

المشاركات الشائعة