نبضات من قلب اكنوبر 1973 ( كمين رمانه )

 


كتب - جمال النجار 

نبضات من قلب اكنوبر 1973 ( كمين رمانه )

( النقيب حمدى شلبى ورجاله يتحدون ويقهرون المستحيل )

كانت إحدى مشاكل الفريق / سعد الشاذلى وهو يخطط لحرب أكتوبر 1973 هى كيف يمنع وصول الدبابات الإسرائيلية إلى قناة السويس قبل استكمال فرد الكبارى وعبور الدبابات المصرية إلى الشرق

وأخيرا تقرر الاعتماد على رجال الصاعقة \' الكوماندوز \' لتنفيذ هذه المهمة 

وهكذا 

كان من ضمن ما تم يوم 6 اكتوبر 1973  أن أقلعت ستة طائرات هليوكوبتر مصرية من قاعدة انشاص يوم ستة أكتوبر 1973 فى الساعة السابعة مساء وعليها مائة مقاتل صاعقة بقيادة النقيب / حمدى شلبى 

ضابط مصرى صغير لم يدعى يوما انه سوبرمان لا يقهر 

عبر برجاله مكلفا بمهمه يعرف انها مستحيله طبقا للعلم العسكرى والعقل والمنطق حيث كانت مهمته ( إغلاق المحور الساحلى بسيناء الموازى لشط البحر الأبيض المتوسط عند مضيق رمانة اعتبارا من الساعة السادسة صباح سبعة أكتوبر ولمدة 6/ ساعات وهى مهمه مستحيله علميا ومنطقيا فالعدو المكلف بتعطيله هو مجموعه عمليات اسرائيليه مدرعه حوالى 250 دبابه ولواء مظلات وطبقا لقوانين القتال العالميه هى مهمه مستحيله نظرا لفارق القوه الساحق )

وكان معروفا أنها رحلة ذات اتجاه واحد 

انشاص رمانة الجنة

( رحلة مقدسة وجميلة طلعوها الولاد والقلب مليان إيمان وعناد طلعوا وحالفين ياخدوا بتار الشهدا اللى اتغدر بيهم فى سبعة وستين )

ووصل حمدى شلبى ورجاله الى منطقه رمانه وشرعوا فورا فى تجهيز المنطقه فحفروا الحفر البرميليله على اجناب الطريق ورصوا الالغام لمنع الدبابات الاسرائيليه من الالتفاف واجبارها على عبور منطقه الكمين 

وكما توقع العباقرة فى القاهرة وفى السادسه صباحا وصلت الدبابات الإسرائيلية فى طريقها لقناة السويس 

وتوقف التاريخ مشفقا على حمدى شلبى ورجاله والدبابات الاسرائيليه تندفع باقصى سرعه لتثير الرعب فى رمال الصحراء نفسها 

ولكن باشاره من حمدى شلبى برز الرجال من الحفر واشتعلت الصحراء 

وكانت معركة وملحمة بين الرجال ( وليس معهم سوى اسلحتهم الخفيفه وايمانهم بالله والوطن  ) وبين المدرعات الاسرائيليه وبها جنود الجيش الذى لا يقهر مسلحين باحدث واقوى ما تمتلكه الترسانه الامريكيه من دبابات واسلحه ومعدات قتال 

وتم تدمير 18 دبابة واثنين عربة مدرعة و4 عربة نقل وأتوبيس ممتلىء بالضباط والجنود الاسرائيليين 

وفتح التاريخ فمه دهشه والقوات الاسرائيليه تتوقف وتتراجع وهى فى حاله ذعر ورعب من هؤلاء الشياطين الذين خرجوا من باطن الصحراء ليفتحوا ابواب الجحيم فى وجه الجيش الذى لا يقهر 

 وانسحبت الدبابات الاسرائيليه وسط صرخات الجنود الفزعه 

وامرت القياده الاسرائيليه الطيران بالتوجه فورا الى المنطقه فكل ثانيه ودقيقه لها ثمن باهظ فى الحرب واسرائيل تصارع الزمن لتصل دباباتها الى الميدان قبل عبور الدبابات المصريه 

واتى الطيران الاسرائيلى وقام بقصف المنطقه شبرا شبرا وشاركت المدفعيه الاسرائيليه البعيده المدى فى القصف بكل ما تمتلكه اسرائيل من قوه حتى تحولت المنطقه الى قطعه من الجحيم

وبعد ثلاث ساعات من القصف بالطيران والمدفعيه ادركت القياده الاسرائيليه حتميه اباده كل من بالمنطقه فهذا القصف العنيف للمنطقه شبرا شبرا بالتاكيد قضى على كل مظاهر الحياه بالمنطقه 

وتقدمت الدبابات الاسرائيليه ثانيه باقصى سرعه وهى تطلق نيران مدافعها ورشاشاتها بمنتهى القوه 

وباشاره من حمدى شلبى يبرز الابطال من باطن الارض  وتدور معركة كبيرة ورهيبة فى الثانيه عشر ظهرا وتفشل المدرعات الاسرائيليه فى اقتحام المضيق 

وتامر القياده الاسرائيليه الدبابات بالانسحاب فورا للخلف

وباقصى سرعه تقوم القياده الاسرائيليه باعاده دفع الطيران الاسرائيلى مره اخرى ليشارك المدفعيه البعيده المدى والصواريخ ارض / ارض فى قصف المنطقه شبرا شبرا بكل ما تمتلكه اسرائيل من قوه 

 ويستمروا فى قصف المنطقة بكل الأسلحة والقنابل 

إلى الساعة الرابعة عصرا ويوقنون انه لا بد قد تم القضاء على كل القوه المصريه ولكن حرصا على ضمان ذلك تتقدم سرية مظلات إسرائيلية (مائة فرد مظلات) وهم كريمة الجيش الاسرائيلى او بمعنى اخر هم المثال الدقيق لكلمه السوبر مان الذى لا يقهر 

وتم اسقاط المظليين الاسرائيليين خلف المنطقه التى تتواجد بها القوه المصريه لحصر من تبقى منهم ( اذا كان قد تبقى منهم احد ) بينهم وبين الدبابات الاسرائيليه 

وباشاره من حمدى شلبى يبرز الابطال من حفرهم فى باطن الارض وتدور معركة بالخناجر والايدى المجردة بين حمدى شلبى ورجاله وبين المظليين الاسرائيليين وحقد ست سنين على شط القنال مستنيين وتار بحر البقر وابو زعبل وبورسعيد ودير ياسين وضحايا سبعه وستين ومصر وفلسطين وكل الشهدا اللى اتغدر بيهم فى ستة وخمسين وسبعة وستين كل دول بيصرخوا بالتار 

وحمدى شلبى مصرى جدع وأمين والتار عرض عند المصريين 

وتندفع الدبابات الاسرائيليه باقصى سرعه وهى تطلق كل نيرانها فى محاوله لانقاذ  كرامه وسمعه الجيش الاسرائيلى ورجال مظلاتهم الذين تعالت صرخاتهم وخناجر المصريين تغوص فى قلوبهم

 وتبدأ الملحمة 

كانت الذخيره المضاده للدبابات قد نفذت من حمدى شلبى ورجاله ولم يعد بحوزتهم ما يتصدون به للدبابات الاسرائيليه 

ويتوقف التاريخ بكل منبهرا بكل ما فيه من غرائب وعجائب ليسجل لحظة غريبة وعجيبة وفريدة لا تحدث الا من المصريين فلو اتى بها مخرج سينمائى فى احد افلامه لما صدقه احد ولقالوا فنتازيا وتخاريف واوهام مخرج شط به خياله بعيدا عن الواقع 

ولكنهم المصريين  

النقيب / على نجم

ضابط مصرى من ولاد الفلاحين البسطاء الطيبين يصاب برصاصة ويدرك انه فى طريقه للاستشهاد ويتحامل على نفسه رغم شده الاصابه  ويهجم على دبابة اسرائيليه ويقفز فوقها ويلقى بداخلها قنبله يدويه فتنفجر الدبابه بمن فيها ويكون هو اول استشهادى فوقها 

ويشاهده الجندى / عبد الحليم مهنى ويسارع فى تنفيذ ما فعله ويقفز هو ايضا على دبابه اسرائيليه ويلقى بداخلها قنبله يدويه ويفجرها وينفجر معها  

وكانت لحظة غريبة وعجيبة العساكر والضباط المصريين بيجروا ورا الدبابات وأطقم الدبابات الاسرائيليين من ذعرهم يهربوا منهم بدباباتهم ومن شده رعبهم وارتباكهم  يصطدموا ببعضهم البعض بالدبابات  

وتفر الدبابات الاسرائيليه من ارض المعركه فى حاله من الرعب والفزع 

وتامر القياده الاسرائيليه الطيران بالعوده لقصف المنطقه من جديد مع اعاده قصفها بالمدفعيه العبيده المدى والصواريخ الارض / ارض 

ويتقدم الليل ليرخى سدوله على سيناء 

 ويكون قد استشهد من الأبطال خمسة وسبعين بطلا

 والليل صديق للعشاق والفدائيين 

ويقرر حمدى شلبى العوده بمن بقى من الرجال فقد نفذت ذخيرتهم وقد نجحوا فى تنفيذ مهمتهم وبالتاكيد هناك مهام اخرى تريد القياده تكليفهم بها فيامر رجاله بالتجمع للعوده الى غرب القناه 

ويقرر حمدى شلبى ان يعبر سهل الطينه برجاله فحتما ستستبعد القياده الاسرائيليه انسحابهم من خلاله فهو منطقه من الطين والرمال والملح تغوص فيها الاقدام الى اعلى الركبه وهو ما يجعل التحرك خلاله مستحيلا 

ويرجعوا الأبطال ماشيين يا سلام عليهم وهم راجعين ماشيين خمسة وعشرين كيلو فى الملح والطين وبيغنوا نشيد الفدائيين

وان مت يا امى ما تبكيش

راح أموت علشان بلدي تعيش

افرحى يا أمه وزفينى

وفى يوم النصر افتكريني

وان طالت يا أمه السنين

خلى اخواتى الصغيرين

يكونوا زى فدائيين يا أمه

ولم تتمكن إسرائيل من استغلال المحور إلا فى الساعة الثامنة من صباح 8 أكتوبر اى أن هذه القوة الصغيرة أغلقت هذه المحور لمدة ستة وعشرون ساعة مما يعد إعجازا عسكريا بجميع المقاييس 

وقد أشاد الجنرال الاسرائيلى/ أدان ( قائد الفرقه المدرعه الاسرائيليه )بهذه القوة فى مذكراته بعد الحرب وقال عنهم

( لقد قاتل رجال الكوماندوز المصريين على المحور الساحلى بكل بسالة وكأنهم قد اقسموا على أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لمنعنا من الوصول لقناة السويس 

والحق ما شهدت به الأعداء

اسمحوا لى أن انحنى احتراما وإجلالا للرجال

بس أمانة اللى يروح القاهرة ويعرف حمدى شلبى يسلم لى عليه ويبوس لى أيديه وعنيه 

ويقوله مصر فاكراك وفى ننى العين والقلب شيلاك


تعليقات

المشاركات الشائعة