أضواء كاشفة .. الحلقة التاسعة والأربعون
كتبت - زهره مصطفى
استكمالا لما سبق ...
ماذا تعرف عن
"فن الواو"
…………
المربع الزجلى هو الذى يتبع فن الزجل ، وفن الزجل - كما هو معروف - هو شعر شعبى ، فى شكل القصيدة العربية ، أى يشاركها صفة الوزن ، والقافية ، وتعدّد البحور الشعرية ( مدرسة الشعر الشعبى كان بيرم التونسى رائدها ) والمربع الزجلى من شعر المقطعات و شعر المقطعات يعنى أن كل مربع مستقل بذاته فى فكرته ، وغير مرتبط بالمربع الذي يسبقه ، ولاالذى يلحقه، والذى تتكون "القولة " منه من أربعة أشطر تصاغ على أى بحر شعرى من البحور الخليلية - والبحر لا يتغير داخل العمل الواحد - وقد تسمى هذه الأشطر أغصانا، وفى الأغلب الأعمّ تكون تقفيتها بشكل معيّن، فالشطرات الثلاثة الأولى مشتركة القافية والشطر الرابع قافيته مختلفة ، وتستمر هذه الطريقة فى كل مربع تالى ، حيث تتغير قافية الأشطر الثلاثة الأولى ، مع المحافظة على قافية الشطر الرابع فى جنيع المربعات - والذى يسمونه عمود القصيدة - فعلى سبيل المثال ، يقول بيرم التونسى مخاطبا مصر :
(قالوا اللى يشرب من نيلك / لا بدّ يرجع و يْجيلك
وانااللى عطشان فى سبيلك/ الدنيا إيه اللى جرالْها )
***
(لا سَطْل خَرّوب يسْعِفنى / ولا ابن نُكْتَة يكيّفْنى
ما يُقصُف العُمر و يفْنِى / غير الخلايق بعبلْها)
***
فالقافيتان (جرالها) و (بعبلها ) متفقتان ..!
ويقول بيرم - مخاطبا الفنان سيّد درويش - من بحر شعرى آخر :
(اتعدّ يومك واتحسب / من مهرجانات الأدب
فيه القصايد والخُطب / ترنّ لك مطَنْطِنَة )
***
(آهات كتيرة سمعتها / وانت عِشِقت و قُلتها
" آه" م الفؤاد طلّعتها/ حسّيتها من قلبى أنا )
فالقافيتان (مطنطنة) و( قلبى انا ) متفقتان
…"
أما المربع من " فن الواو" ، فهو أيضا من شعر المقطعات ، وإذا كان المربع الزجلى لا يتقيد بموسيقا واحدة - أى غير مقيّد ببحر شعرى بعينه - نجد أن "فن الواو" يتقيّد بنظام تقفية معيّن ، فضلا عن أنه يصاغ على نسق موسيقى خاص ، وهذا الفن منتشر فى صعيد مصر، ويطلق عليه أحيانا اسم "المربع "
*****
وعليه فان كل "فن واو" مربع ، وليس كل مربع "فن واو" ،
فالمربع الذى يقول :
الخير على الناس عَمّ وفاض/ وكل إنسان اسْتكْـفى
و بس انا ياعَمّ رياض / وقعت من قَعْر القُفّة
***
هذا المربع من بحر مختلف عن بحر "فن الواو" …!
ومثل قول أمير الشعراء شوقى (وغنّاه عبد الوهاب) :
(الفجر شَقْشَق و فاض / على سواد الخميلة
لمَح كلمْح البياض / من العيون الكحيلة)
***
هذا ليس من "فن الواو" لأن أسلوبه أسلوب الفصحى ، وألفاظه كلها ألفاظ الفصحى ، وهو ما يقع فيه كثير ممن يكتبون "فن الواو" الآن …!
ونظرًا لأن المربع هو مقطوعة مستقلة بذاتها، لذا أطلق عليها أهل الصناعة اسم "قولة " - بضم القاف - وذلك من القول ، فالقُولة لها شخصيتها ، ولها مضمونها ، وعلى الرغم من وضوح المعانى التى تتضمنها هذه الأشعار - من هذا الفن - فقد استمدت هذه الأشعار جاذبيتها وأسباب خلودها من صياغتها الشعرية .. ولهاأن تُقال بمفردها، وقد تقال فى المحافل بدون موسيقا ، وقد تقال بمصاحبة آلة الربابة الشعبية المعروفة ، لدرجة أن معظم القوالين ، يجيدون العزف على هذه الآلة ، لدرجة أن الناس اعتادت أن تسمى شاعر " فن الواو" بشاعر الربابة ، وأشهر شعراء الربابة هم حفظة مربعات السيرة الهلالية ( سيرة بنى هلال ) التى اهتم بها الناس لأسباب نفسية واجتماعية ، فأصبحت هذه السيرة تطول وتطول ، إلى أن أصبحت ذات المليون مربع …
وهناك صياغة أخرى من قالب الموال السبعاوى للسيرة الهلالية ، و مقرها" دلتا" مصر، ولكنها لم تنتشر انتشار السيرة المصاغة من مربعات " فن الواو" فى الصعيد ، وذلك لأسباب عِدّة ، منها طول الموال السبعاوى ، وصعوبة التوفيق بين قوافيه ، بالإضافة إلى صعوبة حفظ نصوصه بالنسبة للرواة ، وهناك سبب موسيقى مهم ، وهو أن مربعات "فن الواو" وجدت من يصنع لها جُمَلا موسيقية ( جمع جملة ) سهلة وبسيطة تصاحب المربع ، أما الموال ، ونضيف أن الموال كان فى الأصل يُنشد فى المحافل مثل القصيدة الشعرية ، قبل أن يذهب إلى ساحة الموسيقا والألحان …!
*****
(يتبع 👈)
الشاعر / عبد الستار سليم
ناقد وباحث فى التراث
متابعة الشاعرة / همت مصطفى
المستشار الاعلامى للشاعر عبد الستار سليم
تعليقات
إرسال تعليق