أضواء كاشفة .. الحلقة الثامنه والأربعون
كتبت - زهره مصطفى
الفن التراثى .. وفن الواو .. والباحث الشاعر عبد الستار سليم
ماذا تعرف عن
فن الواو
………
وكما كان الفنان القديم يرصد الحياة اليومية والوقائع الدينية ، والمعارك الحربية ،وذلك بنقشها على جدران المعابد ، فكذلك فعل القوّال الجنوبى ، فسجّل العادات والتقاليد ، والمحاورات اليومية ، والمساجلات بين القوّالين كلها بفنّ "الواو"، فذكر أسماء الكثير من بلدان الصعيد فى مربعاته ، ونسوق - هنا - بعض المربعات التى جاء بها ذكْر أسماء بلدان الجنوب ، فنجد
- على سبيل المثال - عبد الله لَهْلَبْها الإسناوى يقول :
ياللى هواكى هَوَسْنَا / ما نفَـعْنا طِبّا وحجايب
فَكّر علينا هوسْنا / و ساكنات الحجايب
***
(هوسْنا) التى فى الشطرة الأولى من الهَوَس - يقصد "ياللى هواكى جنّنّا" - و (هوسْنا ) التى فى الشطرة الثالثة يقصد بها هَوَى "إسْنا" تلك بلده ، وهى مدينة فى الجنوب (وبالمناسبة ، هناك أغنية تراثية تقول : واقفين على كوبرى اسْنا … لفَحْنا الهوى نْعِسْنا) …
وهناك محاورة حدثت بين قوّال بلدة "الرمادى" ، وقوّال
بلدة " طوناب " ، عندما جاء أهل "طوناب" لتقديم واجب العزاء فى وفاة عمدة "الرمادى " فى اليوم الثانى من الوفاة ، ومن عادة أهل المتوفّى أن يستقبلواالمعزّيين - لمدة أسبوع فيما يسمى بالنصْبَة ، أى سرادق العزاء - وأن يتقدموا كنوع من الاهتمتم قبل دخول القادمين إلى مقر "الواجب "، ولكن قوّالهم بادر وفْد المعزّيين من "طوناب" بقوله على السليقة :
طُوناب مااطْوَلْ طُنابْكم /عايشين فى طَرْف وادى
ياك الخَبَر لم جا بلدكم / يوم مات مات سَبْع الرّمادى
***
وعبارة (ما اطْول طُنَابكم ) المقصود بها (ما أطْول حِبالكم) ، فالطُنُب - فى العربية - الحبل الذى تُشدّ به الخيمة أو السرادق ، وهذه العبارة هى مثلٌ سائرٌ فى الصعيد ، كان يُقال لمن يتأخر فى أداء مهمّة ، فهم يقولون عنه إنه ( حبالُه طويلة )
فردّ عليه قوّال "طوناب" - على السليقة أيضا-
صحيح …
طوناب ما اطْول طونابْنا/ عايشين فى طرْف وادى
جانا الخبر فى بلدنا / والْ أخّرَتْنا المعادى
***
و "المعادى " المقصود بها وسيلة النقل النهرى ،التى تعدّيهم من ضفة النيل إلى الضفة الأخرى
*****
"فن الواو" هو واحد من مجموعة الفنون القولية الموروثة من الشعر الشعبى ، والتى تصاغ على قالب المربع ، هى كثيرة ، فمن تنوعها فى الأوزان الشعرية إلى تباين وتعدد طرق تقفيتها، لذا رأيت أن نطلق عليها جميعا اسم "عائلة التربيع" ، كما اقترحت أن نجدّد بعض التسميات فيها، بما يتناسب وطبيعة عصرنا الآنى ، وإيقاعه المتسارع . . فنسمّى كل واحد منها اسما خاصا، ينسحب عليه وحده دون غيره ، فنقول - على سبيل المثال - فن الواو ، و فن المربع الزجلى ، و فن المربوع
( الذى هو الدوبيت ) ، و فن الرباعية ، و فن الموال الرباعى، و فن القوما ، و فن الكان وكان،
و فن النميم ، و فن العِدّيد أو التعديد أو العديد
( جمع العدّودة ، والذى لا تقوله إلا النسوة فى صعيدمصر، وهو الشق الشعبى من رثاء الميت ) ، و فن الجنزير ، و فن السلسلة ...إلى آخره. . !
( مع مراعاة أننى أعلم أن كثيرا من النقاد والمنظّرين يرفضون هذا التقسيم ، ونحن نحترم رأيهم ونقدّره ، إذ أن لكل فريق أسبابه ، والقول الفصل - حول هذه الفنون - لا يخص فريقا دون آخر )
ونعود إلى قولنا فى شأن تجديد التسمية ، بشرط أن نعرف البحر الشعرى ، وكذا طريقة التقفية، لكل فن منها ، ويكون ذلك تعريفا لكل فن بعينه . . فعندما نقرأ أو نسمع مربعا بعينه ، نستطيع أن نحيله إلى صنفه أو نوعه ، وذلك لإزالة اللبس الذى ما زال يحدث لدَى جمهور هذه الفنون القولية - وحتى لدَى بعض القوالين الجدد أنفسهم -تحسّبًا للخلط الذى يحدث بين أفراد هذه العائلة ،
فمثلا الفرق بين المربع الزجلى ، و فن الواو، يجب أن يكون واضحا تماما ، وخصوصا بالنسبة للقوالين الذين يبدعون الفنون ، كما يجب أن نعلم الفرق بين هذه الفنون ، وشعر العامية المصرية ، إذ أن هناك فرقا جوهريا يجب الوقوف عليه ، ومعرفته معرفة جلية …!
*****
( يتبع 👈 )
الشاعر/ عبد الستار سليم
ناقد وباحث فى التراث
متابعة الشاعرة / همت مصطفى
المستشار الاعلامى للشاعر عبد الستار سليم
تعليقات
إرسال تعليق