حدث فى أكتوبر 1973

 


حدث فى أكتوبر 1973 ( 8 )

كتب - جمال النجار 

سير العمليات العسكرية

اسمحوا لي أن نتذكر ثانية آن القوات المصرية دخلت حرب أكتوبر فى ظل تفوق عسكرى اسرائيلى ساحق فى الاسلحه والمعدات والأفراد

 حيث كانت القوات الإسرائيلية متفوقة على القوات المصرية فى كل شيء كما وكيفا عدا القوات البحرية حيث كانت مصر تحوز التفوق البحري ولكن قوة وتفوق الطيران الاسرائيلى وقدرته على إغراق اى قطع بحرية مصرية كان المفروض أن تمنع مصر من التمتع بمميزات التفوق البحري

كما يجب أن نتذكر أن إسرائيل خاضت حرب يونيو بدعوى حماية حرية الملاحة الإسرائيلية إلى ميناء ايلات الاسرائيلى 

وان احد أهم أهداف حرب أكتوبر هو تحدى نظريه الأمن الاسرائيلى التى تؤكد أن قوه الجيش الاسرائيلى وتفوقه هو الضمانة الوحيدة لأمن اسرئيل 

فقد انتصرت إسرائيل فى حرب يونيو من واقع جغرافى وحدود كانت تراها لا توفر الأمن لها 

وأصبح علينا هزيمتها فى أكتوبر 1973 من واقع جغرافى وحدود تتصور إسرائيل أنها ضمنت الأمن لها  

وهو ما سيحدث صدمه وهزيمة لنظريه الأمن الاسرائيليه وينسفها من أساسها

( إقناع إسرائيل أن قوتها العسكرية لن تحقق لها الأمان وأنها لن تحصل على الأمان إلا بحل عادل لمشكله الشرق الأوسط واحترام حق الشعوب العربية فى العيش بأمان والتخلى عن وهم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات )

وهكذا بدأت حرب أكتوبر فى بداية شهر أكتوبر 1973 عندما تحركت قوة من المدمرات المصرية ومعها أوامر بالتوجه إلى باكستان لإجراء صيانة دورية وتم إبلاغ قادة هذه المدمرات بعدم استخدام اللاسلكي وأعطى كل منهم ظرف مغلق لا يتم فتحه إلا فى الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر

 والذى تم تخطيط خط سير المدمرات والغواصات المصرية بحيث تتواجد عند منطقة باب المندب ( المدخل الجنوبى للبحر الأحمر ) فى هذا التوقيت 

وكانت بالظرف تعليمات واضحة بإغلاق مدخل البحر الأحمر بالقوة فى وجه الملاحة الإسرائيلية المتجهة إلى ميناء ايلات ( وهو حق يبيحه القانون الدولى )

وكانت أقوى ضربة إستراتيجية تلقتها أمريكا وإسرائيل حيث لن تستطيع إسرائيل الاستفادة من تفوقها الجوى لان الطيران الاسرائيلى لا يمتلك المدى للوصول إلى تلك المنطقة ولا تمتلك إسرائيل القوة البحرية للتصدى للقوات المصرية ولا تستطيع أمريكا التدخل بقوتها بصوره مباشره وعلنية فى المعركة 

وفى ليلة 5/6 أكتوبر تم عبور مجموعة من رجال الضفادع البشرية المصريين والمهندسين العسكريين  

بهدف إغلاق فتحات مستودعات النابالم أسفل مياه القناة بنوع خاص من الاسمنت مع قطع الخراطيم الخاصة بها وتدمير المحابس الخاصة بها على أن تبقى هذه القوة بالشرق لضمان عدم استخدام العدو لهذا السلاح الرهيب وكان أول أسير اسرائيلى يقع فى ايدى القوات المصرية هو الملازم أول مهندس / ألبرت رحاميم 

الذى أرسلته القيادة الإسرائيلية مساء الخامس من أكتوبر للتأكد من صلاحية ذلك السلاح الخطير تحسبا لمواجهه الهجوم المصرى المتوقع 

وفى نفس التوقيت تم عبور مجموعات من رجال الصاعقة المصريين المسلحين بالاسلحه الفردية المضادة للدبابات 

احتلوا المصاطب المخصصة للدبابات الاسرائيليه على الساتر الترابى وقاموا برص حقول الألغام فى طريق تقدم تلك الدبابات لمنع الدبابات الاسرائيليه من احتلال الساتر الترابى والتأثير على عمليه عبور القوات المصرية فى اليوم التالى وقضوا ليلتهم فى الشرق 

وتم دفع عناصر الاستطلاع التابعة للمخابرات الحربية المصرية  لتراقب مراكز القيادة الاسرائيليه فى عمق سيناء

 وتراقب طرق تقدم الاحتياطيات الاسرائيليه 

وتراقب المطارات الاسرائيليه فى سيناء 

تحسبا لاكتشاف إسرائيل نوايا القوات المصرية للهجوم وقيام إسرائيل بعمليه عسكريه مبكرة لإجهاض الهجوم المصرى ( وباتوا ليلتهم فى أماكنهم فى أقصى العمق بسيناء )

وأشرقت شمس السادس من أكتوبر 1973

وكان الموقف الظاهر والمعلن على ضفتى قناة السويس فى منتهى الغرابة حتى انه يمكن وصفه بالكوميديا ( كما أوضحت سابقا )

وفى الساعة الثانية من بعد الظهر عبرت قناة السويس مائتين طائرة مصرية أقلعت من عشرين مطار وقاعدة جوية فى مختلف أنحاء مصر لتعبر قناة السويس لتقوم بتوجيه ضربة جوية مركزة إلى مطارات العدو بسيناء ومراكز قيادته بها ومواقع مدفعياته وقواعد صواريخه 

وفى الساعة الثانية وخمس دقائق بدا أكثر من ألفين مدفع مصري صب نيرانهم على مواقع العدو فى سيناء وخط بارليف فى قصفه تمهيد نيرانى استمرت لمده عشرين دقيقه 

ويرد العدو بفتح كل أسلحته على القوات المصرية وتشارك دباباته وصواريخه ومدفعياته فى محاولة وقف العبور المصرى 

وفى الساعة الثانية والثلث من بعد ظهر السادس من أكتوبر بدأت أول موجات العبور وقوامها أكثر من أربعة ألاف مقاتل عبروا فى 750 قارب مطاطي تحت قصف العدو ونيرانه 

وسارعت القيادة الاسرائيليه بإصدار أوامرها لقاده حصون خط بارليف بسرعة استخدام سلاح النابالم لإشعال مياه القناة حتى يتم إحراق كل القوات المصرية بقواربها التى نزلت إلى المياه

وسارع قاده الحصون الاسرائيليه بالضغط على الأزرار لضخ النابالم وإشعال قناة السويس وتحويلها إلى نهر من الجحيم

( مؤكد أن صدمتهم كانت شديدة جدا وهم يرون مياه القناة مازالت كما هى تحمل أبناء مصر الغاضبين إلى الضفة الشرقية بأمان

 ومؤكد أن صدمه القيادة الاسرائيليه كانت اشد وهى تعيد بعصبيه تأكيد أمرها لقاده الحصون بسرعة فتح مستودعات النابالم وإشعال قناة السويس وقاده الحصون يردون بعصبيه اشد بان السلاح لا يعمل وأنهم لا يعرفون السبب )

وتوقف العالم ليرى أبناء مصر يصعدون الساتر الترابي الذي يبلغ ارتفاعه 22متر اى عماره ارتفاعها أكثر من سبعة ادوار يصعدونه بأيديهم وأظافرهم وهم يحملون سلالم بدائية من الحبال ليصعد عليها زملاؤهم 

إنها مصر كالعنقاء تنتفض من وسط الهزيمة وتبعث من جديد 

وتوالى عبور القوات بالقوارب وتوقف التاريخ ليشهد أبناء مصر من المهندسين وهم يقهرون الساتر الترابي بعبقريتهم وطلمبات المياه بديلا عن القنبلة الذرية التى اجمع الجميع على حاجة مصر إليها لقهر ذلك الساتر 

وتندفع المدرعات والدبابات الإسرائيلية بأقصى سرعه لتحتل المصاطب المخصصة لها على الساتر الترابي لصد العبور المصرى ويتصدى لها رجال الصاعقة الذين سبق لهم احتلال تلك المصاطب ليله الخامس من أكتوبر يتصدون لها بأرواحهم وأسلحتهم الفردية الخفيفة   بينما تساعدهم الصواريخ المضادة للدبابات التى تم وضعها على الساتر المصرى فى الضفة الغربية للقناه  وتنفجر الدبابات الاسرائيليه ويتصاعد الشهداء إلى السماء ويستمر تدفق القوات المصرية إلى الشرق 

وفى الثالثة وخمسون دقيقة من بعد ظهر السادس من أكتوبر يصل الطيران الاسرائيلى ليشارك المدفعية والدبابات الإسرائيلية محاولاتهم لإيقاف الطوفان المصرى ويتصدى له الدفاع الجوى المصرى ويكيده خسائر جسيمة تجبر الجنرال الاسرائيلى / بليد قائد القوات الجوية الإسرائيلية

 أن يصدر أمرا إلى طياريه بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كيلو ( تحية إلى أبطال الدفاع الجوى )

ويتوالى تدفق القوات المصرية إلى سيناء بعد إتمام فرد الكباري

 ويتوالى وصول الاحتياطي الاسرائيلى بعد أن أعلنت إسرائيل التعبئة العامة 

ويحبس العالم أنفاسه منتظرا الهجوم المضاد الاسرائيلى يوم الاثنين  8 أكتوبر 

فقد اكتمل حشد الجيش الاسرائيلى 

والسوبرمان الاسرائيلى الذى لا يقهر فى اشد حالات غضبه 

 وموشى ديان وزير دفاع إسرائيل يصرخ سنسحق عظام العرب وسندفن الجيش المصرى فى قناة السويس 

ويحبس العالم أنفاسه منتظرا أن يقوم السوبرمان الاسرائيلى الغاضب بكتابه السطر الأخير من تاريخ الحضارة المصرية بإبادة الجيش المصرى واحتلال مصر بأكملها وكارثة هزيمة يونيو 1967 ماثله فى أذهان العالم 

ولكن ايزيس كان لها رأى أخر

فقد تمكن أبناء مصر الغاضبين من إلحاق اكبر هزيمة بالجيش الاسرائيلى فى ذلك اليوم الذى تحول إلى 

الاثنين الأسود فى تاريخ إسرائيل

فقد قامت القوات المصرية بالتصدى بنجاح للهجوم المضاد الاسرائيلى وتم تدمير اغلب الدبابات الاسرائيليه التى شاركت فيه 

حتى انه فى قطاع الجيش الثانى الميدانى تمكنت الفرقة الثانية المشاة بقياده العميد / حسن أبو سعده 

من أباده لواء مدرع اسرائيلى كامل فى خلال 13 دقيقه فقط وتم اسر احد قاده هذا اللواء وهو 

العقيد / عساف ياجورى

 الذى ظهر مساء الاثنين فى تليفزيون القاهرة أسيرا ذليلا 

ويفشل هجوم إسرائيل وتضطر إلى طلب النجدة من أمريكا التى تقيم اكبر جسر جوى وبحري فى التاريخ لنقل الأسلحة والمعدات والذخائر والرجال إلى إسرائيل 

وتحت الضغوط العربية يضطر الرئيس السادات إلى التدخل فى سير القتال ويأمر بتطوير الهجوم شرقا رغم اعتراض معظم القيادات العسكرية المصرية ( اعترض الفريق / سعد الشاذلى 

واعترض اللواء / عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث 

واعترض اللواء / سعد مأمون قائد الجيش الثانى 

وهم الثلاثة المكلفون بتنفيذ ذلك على ارض المعركة )

ويفشل تطوير الهجوم المصرى نتيجة اكتشاف أمريكا له بواسطة طائرة الاستطلاع الأمريكية التى رصدت تحرك القوات المصرية يوم 13 أكتوبر 

وقامت أمريكا بتزويد إسرائيل بالصاروخ التو المضاد للدبابات بأطقم تشغيله من اليهود الأمريكان وتم نقله بالطائرات من أمريكا إلى ارض المعركة كما تم نقل الدبابات بالطائرات من أمريكا إلى ارض المعركة

وهكذا تقدمت الدبابات المصرية لتجد الجيش الامريكى ينتظرها تحت العلم الاسرائيلى 

وفشل تطوير الهجوم المصرى

وتقوم أمريكا بتعويض إسرائيل عن كل خسائرها بل وإمدادها بأسلحة حديثة لم يسبق استعمالها من قبل مع أمر امريكى لإسرائيل أن تفعل اى شيء حتى لا تنتهى المعركة والسلاح السوفيتي منتصرا على السلاح الامريكى 

وتكون النصيحة الأمريكية بعبور القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة 

وتقوم طائرات الاستطلاع الأمريكية بتصوير المنطقة وتزويد إسرائيل بالصور التى تتيح لها التحرك 

وتقوم إسرائيل بالعبور إلى غرب القناة محاولة تنفيذ الجزء الثانى من خطتها رغم عدم توافر الظروف لان مصر مازال لها أكثر من 120 ألف مقاتل بالشرق 

وتشتعل المعارك غرب القناة ويفشل الجنرال شارون فى الاستيلاء على الإسماعيلية كما يفشل الجنرال أدان فى الاستيلاء على السويس

 ويتم فرض وقف إطلاق النيران من الأمم المتحدة يوم 22 أكتوبر وتستغله إسرائيل فى توسيع مساحة الأرض التى استولت عليها غرب القناة 

وفى يوم 24 أكتوبر تحاول الاستيلاء على السويس وتفشل المحاولة وتتحول السويس إلى مقبرة للقوات الإسرائيلية 

ويعلن الاتحاد السوفيتي انه إذا استمر خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار فانه سيتدخل عسكريا لإجبار إسرائيل على احترام قرار الأمم المتحدة

وترصد المخابرات الامريكيه تحميل الفرق العسكرية الروسية على السفن لإرسالها إلى الشرق الأوسط

ويقوم الرئيس الامريكى ردا على ذلك برفع درجه استعداد القوات النووية الامريكيه

ويرصد الاتحاد السوفيتى ذلك فيقوم أيضا برفع درجه استعداد أسلحته النووية

ويقف العالم على حافة الهاوية 

وفى يوم 28 أكتوبر يصدر قرار مجلس الأمن بإيقاف إطلاق النار 

وتعلن مصر وإسرائيل التزامهما به 

وتعيد القوات المصرية تنظيم أوضاعها وحصار القوات الإسرائيلية بثغرة الدفرسوار

 وتوضع الخطة ( شامل ) للقضاء على القوات الإسرائيلية غرب القناة فور صدور الأوامر من الرئيس السادات

وترصد أمريكا أوضاع القوات المصرية وتفهم منها ما تنتويه مصر وتفهم منها قدره مصر على تنفيذ ذلك

ويصل وزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر إلى أسوان ويقابل الرئيس السادات ويخبره 

انه لو قامت مصر بالقضاء على القوات الإسرائيلية بثغره الدفرسوار   (غرب القناة ) فان الجيش المصرى سيكون عليه أن يواجه الجيش الامريكى فى سيناء بصوره علنية وصريحة 

وتقبل مصر وقف القتال والتفاوض 

وبرعاية أمريكا يتم عقد مباحثات الكيلو ( 101 ) لفك الاشتباك بين القوات المصرية والاسرائيليه غرب وشرق القناة 

ويرفض الإسرائيليون الانسحاب إلى خط 22 أكتوبر ولا إلى خط 24 أكتوبر ( الذى كان بهما تواجد للقوات الاسرائيليه غرب القناة )

بل يصممون أن يكون أول انسحاب لهم فى اتفاقية فك الاشتباك هو سحب كل القوات الاسرائيله من غرب القناة 

ثم انسحاب القوات الاسرائيليه شرق القناة إلى خط المضايق الجبلية بعمق 30 كيلو متر داخل سيناء 

وذلك لإدراكهم أن الثغرة كانت عبارة عن معركة تليفزيونية كما وصفها الجنرال الفرنسي / أندريه يوفر مدير مركز الدراسات الإستراتيجية فى فرنسا 

وان كل الهدف منها ألا تنتهى حرب أكتوبر والسلاح السوفيتي منتصرا على السلاح الامريكى 

وإنها كانت محاولة إعلاميه لإنقاذ سمعة السوبرمان الاسرائيلى وحليفه الامريكى 






تعليقات

المشاركات الشائعة