فرصة .. رمضان للتغيير

 

كتب _ فايز الصياد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف 

 كم مرة كنت موقناً أنه لا يمكن أن يأتي جديد في حياتك مهما بلغت الأحداث والظروف التي تواجهها في عرض الطريق، وما زالت تلك القناعات تلازمك حتى جاء رمضان فبدّل هذه القناعات ..

كم هي المرات التي حاولنا أن نصوم فيها بعض الأيام  تطوعاً؟!!

وكم مرة عجزنا عن خوض هذه التجربة؟!!

وكثيرون يشهدون رمضان هذا العام ولم يجربوا مرة أو ربما جربوا ورأوا أن تلك التجربة مجهدة لهم!

 وها هو رمضان يأتي إلينا ويصوم الواحد منا خمسة عشرة ساعة لا يبالي بطول اليوم .

 وعاش الواحد منا مستعلياً على كل الشهوات التي يراها بعينه وترمقها مشاعره بل ربما حتى الذي كان مبتلى بالتدخين مثلاً، واعتذر مراراً للناصحين بأنه لا يستطيع تركه ساعة واحدة، استطاع في رمضان أن يقف في وجه تلك الشهوة زمناً طويلا.

 كل هذا يعطينا يقيناً أننا نملك من القدرات والإمكانات ما نستطيع أن نصنع به واقعاً بهيجاً في حياتنا [إذا أردنا] .

إذن هي "الإرادة" كثيرا ما نفشل في بعض التجارب بسبب عدم نضج الإرادة الحقيقية لخوض هذه التجربة أو تلك، قارن نفسك حين تريد شيئا ما بشدة تجمع له كل ما بوسعك: إرادتك وشغفك ومالك وكل ما عندك لأجل تحقيقه..

إن من القواعد المقرَّرة في كتاب الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾.

كل إنسان لا يمكن أن يصنع جديداً في واقعه حتى يبدأ في بناء القناعات الداخلية أولاً، ويحولها فيما بعد إلى قرارات عملية تطبيقية في حياته.

كثير من قراراتنا التي تفشل.. وتجاربنا التي تتوقف .. ومحاولاتنا التي تكلّ في منتصف الطريق سببها:

أننا نبدأ بفصول التغيير ونفوسنا من الداخل هشة ! أو غير مقتنعة !

ورمضان يضخ في نفوسنا الأمل أنه بإمكاننا صناعة التغيير الذي نريد ثقة بالله تعالى وما أودع في هذه النفوس من إمكانات وقدرات.

 فالذي رابط على صيام أيام الشهر قادر على أن يرابط على بعض العادات الإيجابية حتى تصلب وتقوى وتصبح مع الأيام جزءاً من حياته .

 ولنعلم أن الخطوات الأولى في التغيير مكلفة ومجهدة ولكنها في ذات الوقت ممكنة إذا صحبتها إرادة قوية مستعينة بالله عز وجل.

 الاستعداد لرمضان يبدأ بشحذ الهمم وعزم الإرادة ببذل الجهد وتقديم التضحيات فلا تتوقع أن تجني ثمار عبادة لم تبذل لأجلها الغالي والنفيس.

غيّر مفهومك ونظرتك لعباداتك واعلم أن لكل عبادة هدف ومقصد وبقدر سعيك لتحقيقه تكون النتائج 

اللهم اجعلنا بعد رمضان أحسن حالاً وأكثر قُرباً منك يا الله.. آمين