الصداقة

 


كتب _ فايز الصياد 

الصداقة انسجام روحي قد يقع بين متباعدَين في النسب، أو العُمر  يقول التابعي أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف في الصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما: كان لي صديقاً مع أن أبا سعيد أكبر منه بأربعين سنة!.

وهذا الانسجام قد لا يكون مع قرابة النسب؛ سئل رجل: أيما أحب إليك: أخوك أم صديقك ؟، قال: "إنما أحب أخي إذا كان لي صديقاً" 

وهذه المحبة هي المحبة الخاصة بذلك الانسجام المختص بالصداقة.

والشدائد مختبر الصداقة وغربالها؛ قال حكيم: حافظ على كل صديق أهدته إليك الشدائد، والْهُ عن كل صديق أهدته إليك النعمة.

ولهذا قلت الصداقة الحقيقة وعزَّت، قال العلامة ابن الجوزي: ‌‏"جمهور الناس اليوم معارف، ويندر منهم صديق في الظاهر، وأما الأخوة والمصافاة فذلك شيء نُسخ فلا تطمع فيه"!

والصداقة التي تدوم هي التي تنفع في الآخرة كما قال تعالى:"الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين"

قال الإمام النووي:‏"صديقُ الإنسان ومحبُّه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدّى ذلك إلى نقصٍ في دنياه"

ومن الأنواع الذين ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم اختصاصهم بظل العرش في حر القيامة وكربها: رجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه، وتفرقا عليه.

وإذا كان الخطأ والنقص معجوناً بطبيعة البشر فمن العقل ألا يتطلب الإنسان المحال في صديقه وهو كونه بلا عيب، قال الشاعر:

صديق بلا عيب قليلٌ وُجودهُ * وذكر عيوب الأصدقاء قبيحُ

والصداقة أعمق من أن ترتهن لمظاهر فتغيب بغيابها، كما قال العلامة أبو علي ابن البنا الحنبلي:

وكم غائبٍ والقلبُ منه مسالمٌ* وكم زائرٍ في القلب منه بلابلُ 

فلا تجزعنْ يوماً إذا غاب صاحبٌ* أمينٌ، فما غاب الصديق المجاملُ

بل قد قال حكيم: "ولا يغضبك إذا رأيت صديقك مع عدوك فقد يكفيك شره أو يستر عورتك منه".

فالصديق مؤتمن ومحل لحسن الظن.

تعليقات

المشاركات الشائعة