الجزء الثالث عشر من دراسة الانتصار العسكرى

 


(( ١٣ ))

كتب - جمال النجار 

الجزء الثالث عشر من دراسة الانتصار العسكرى المصرى على العدوان الثلاثى ١٩٥٦ فى الميزان العسكرى والاستراتيجى

اليوم الاربعاء ٧ نوفمبر ١٩٥٦

 باعلان انجلترا وفرنسا قبولهم وقف اطلاق النار وضعت قواتهم العسكرية فى موقف كارثى 

 فهى محصورة ومكدسة  فى شريط ضيق جدا على رصيف ميناء بورسعيد وشاطىء بورفؤاد وشريط من الارض فى الشوارع الخارجية لمدينة بورسعيد  ويمتد جنوبا محصورا بين المجرى الملاحى لقناة السويس شرقا وبحيره المنزله والترعه الحلوة غرب 

وهو وضع كارثى لاى قوات عسكريه فهى غير قادره على المناوره اذا تعرضت لاى هجوم برى

وهى هدف ثمين جدا لاى قصف مدفعى او جوى حيث سينتج عنه خسائر كارثيه نتيجه كثافه الحشد فى تلك المساحه الضيقه

 الجنرال كيتلى القائد العام للغزو يصدر اوامره لقواته بالاستيلاء على مدينه بورسعيد باكملها رغم قرار وقف القتال ليحسن من الوضع العسكرى لقواته على الارض 

وقوات الغزو تنفذ انتشارها فى بورسعيد وبورفؤاد وتسعى للسيطره على الارض باحقر خدعه يعف عن ارتكابه عتاة المجرمين

حيث انتشرت فى بورسعيد عربات مجهوله تذيع عبر الميكروفونات ان الجيش الروسى وصل للدفاع عن بورسعيد وان القوات الروسيه نزلت بميناء بورسعيد

وتجمع المئات من ابناء بورسعيد والمتطوعين على اجناب شارع محمد على ليرحبوا بالدبابات التى ترفع العلم الروسى وهى تدخل المدينة 

وفجأه اطلقت تلك الدبابات الانجليزية نيرانها فقتلت المئات من المصريين بمنتهى الخسه والحقارة

 ( وكان من بين القتلى فى تلك المذبحه الاجرامية  ابن المعلم عسران صاحب قهوه فى بورسعيد وعلم شقيقه سيد بمصرع اخيه ولكنه اخفى الخبر عن والده )

وهكذا دخل الجنرال كيتلى وجيوش الامبراطورية الانجليزية الى بورسعيد بالدناءه والخسة والغدر 

* القيادة المصريه تصدر اوامرها لقوات الجيش والصاعقه الموجودة داخل مدينه بورسعيد بخلع الملابس العسكرية وارتداء الملابس المدنيه والانضمام الى قوات الجيش الشعبى بقيادة 

السيد / زكريا محيى الدين

عضو مجلس قيادة الثوره ورئيس المخابرات المصرية وقائد الجيش الشعبى المصرى 

( وكانت اوامر عبد الناصر ان تتحول بورسعيد الى جحيم حقيقى  يجبر القوات المعتديه على الرحيل هربا منه )

* ( ننتبه : عمليه المقاومه الشعبيه للعدوان الثلاثى لم تكن عمليه عشوائيه ورد فعل فردى لافراد من الشعب ولكنها كانت جيش منظم تم تشكيله بأوامر من 

الرئيس / جمال عبد الناصر

رئيس الجمهورية والقائد الاعلى للقوات المسلحه المصرية

 وتولى قيادته 

السيد / زكريا محيى الدين

 وكان عماد هذا الجيش قوات الصاعقه ورجال الجيش المصرى مع المتطوعين من ابناء بورسعيد وابناء الشعب المصرى الابطال الذين تم تنظيم دخولهم الى بورسعيد بواسطه المخابرات المصرية وتم تسليح ذلك الجيش الشعبى باسلحه من الجيش المصرى وتم تدريب المدنيين بواسطه ضباط وصف ضباط من الجيش المصرى )

 تعيين البكباشى ( مقدم ) / محمد عبد الفتاح أبو الفضل من المخابرات المصرية 

قائدا للمقاومة السرية داخل بورسعيد

ويعاونه :

اليوزباشى / سمير محمد غانم

 ( قائد العمليات الفدائية والمقاومة والتنسيق مع قوات الصاعقة )

ب - الملازم / فرج محمد فرج

 قائدا للإتصالات اللاسلكية في بورسعيد وخارج بورسعيد "كان مسؤلا عن جهاز اللاسلكى المخبأ في منزل الشاب / يحى الشاعر 

للاتصال برئاسة الجمهورية وإدارة المخابرات العامة في القاهرة".

ج - الصاغ ( رائد ) أ. ح. / سعد عبدالله عفرة

 ( قائد المرحلة الثانية في المقاومة السرية )

 وقد تسلل الى بورسعيد متنكرا في زى رجال الأسعاف ليتولى قيادة المقاومة بدلا من البكباشي عبدالفتاح ابوالفضل الذى أستدعى الى القاهرة للاشراف على جميع عمليات المقاومة في القنال 

د - الصاغ محمود حسين عبدالناصر ( مدير مكتب رئيس الجمهورية أنور السادات فيما بعد ) من المسئولون عن مجموعة التخطيط وتزويدنا بالأسلحة.

هـ - اليوزباشى /  محمد فائق 

( وزير الإعلام فيما بعد )

 من القادة المسئولون عن مجموعة التخطيط وتزويدنا بالأسلحة 

 والنقيب / جلال هريدى قائد قوات الصاعقه المصرية

والملازم / ابراهيم الرفاعى من الصاعقه 

على ان يخضع لسلطته كل الضباط والافراد التابعين للجيش المصرى بعد ارتداؤهم للملابس المدنية وكل الافراد التابعين للجيش الشعبى المصرى داخل مدينه بورسعيد وبورفؤاد والارض الواقعه تحت سيطرة قوات العدوان 

( مقال للنقيب  / سمير محمد غانم وكيل ادارة المخابرات العامه المصرية فيما بعد ) 

**##** القيادة المصريه تصدر اوامرها للجيش الشعبى ببدء قتاله ضد قوات العدو بعد التزام الجيش المصرى بقرار وقف اطلاق النار تنفيذا لقرار القيادة السياسية بقبول قرار الامم المتحده

 بريطانيا وفرنسا تطالبان بسرعه فتح قناة السويس للملاحه الدوليه والغاء قرار الدول العربيه بوقف تصدير النفط لهم ووقف مقاطعه الشعوب العربيه لشركاتهم 

وعبد الناصر يرفض ويعلن ان ذلك لن يحدث الا بعد انسحاب كل القوات المعتديه من مصر 

الخميس ٨ نوفمبر ١٩٥٦

 الجيش الشعبى يدير حرب شوارع ضد القوات الغازيه فى بورسعيد 

 لم تكد قوات  الغزو تنتشر  فى بورسعيد فى محاوله لصنع امر واقع حيث قامت بانشاء معسكر لتجميع الدبابات البريطانية حتى تعرض هذا المعسكر لهجوم بالصواريخ نفذه رجال الصاعقه بقيادة الملازم / ابراهيم الرفاعى 

  وقمت القوات البربطانية بانشاء مركز قيادة لها بمدرسة ( الوصفيه )

وفورا قامت قوات الجيش الشعبى بمهاجمته 

وتزايدت العمليات الفدائيه ضد قوات الغزو وازدادت خسائر قوات الغزو مع عمليات قصف دورياتهم الراكبه بالقنابل اليدوية فى الشوارع وعمليات استهدافهم بالرصاص 

بالاضافة إلى زيادة عمليات الكمائن التى يقتل فيها ضباطهم وجنودهم

وتحولت بورسعيد الى جحيم

الجمعة 9 نوفمبر 1956 

وصول الجنرال قائد قوات الأمم المتحدة إلى القاهرة لوضع ترتيبات وصول  هذه القوات الى مصر للاشراف على وقف القتال وانسحاب القوات المعتدية

 اسرائيل تعلن ضم سيناء اليها 

 تصريح للقادة السوفييت انهم لن يمنعوا سفر متطوعين روس الى مصر 

 الجيش الشعبى المصرى يستمر فى تنفيذ عملياته الفدائيه ضد قوات الغزو

**#** استمرار وصول المتطوعين المصريين من الجيش المصرى والشعب المصرى الى بورسعيد 

السبت ١٠ نوفمبر ١٩٥٦

 الصين تعلن  انها لن تمنع سفر المتطوعين الصينيين إلى مصر .

( موقف سياسى روسى وصينى نشكرهم عليه لكن مصر لم تكن فى حاجه الى متطوعين ولم يثبت ان اى مواطن روسى او صينى وصل الى مصر )

 الجيش الشعبى المصرى يحول بورسعيد الى جحيم للقوات المعتديه فعمليات خطف وقتل ضباطهم وجنودهم تحدث كل ساعه

وهجمات رجال الصاعقه على معسكراتهم لا تتوقف 

 استمرار مظاهرات العمال فى كل دول اوروبا وفى فرنسا وانجلترا احتجاجا على اغلاق المصانع والشركات نتيجه انقطاع البترول بسبب اغلاق قناة السويس ومنع تصدير البترول لفرنسا وانجلترا

 الاعلام المصرى ينقل جرائم المعتدين الى كل دول العالم 

 انطلاق المظاهرات فى كل دول العالم تندد بالمعتدين وتطالب برحيل الجيوش المعتديه عن مصر 

قصة اختطاف وموت 

 الملازم /  أنطوني مورهاوس

 ابن عمة ملكة انجتلرا 

في صباح يوم 11 ديسمبر عام 1956

قام الضابط / سامى خضير 

بتجهيز دوريه من الجيش الشعبى للمرور فى شوارع بورسعيد لخطف او قتل اى ضابط انجليزى 

وقام باعطائهم ملابس ضباط شرطة مصرية ارتداها كل من 

الفدائى / احمد هلال

الفدائى / محمد عبد الرحمن

واعطاهم سيارة ( ٥٧ قنال ) وقام بقيادتها

 الفدائى / على زنجير 

بينما مثل الفدائى / حسين عثمان 

دور بائع تحف لاستدراج اى ضابط انجليزى 

وتحركت الدوريه المصريه تبحث عن صيد لها

وفى احد شوارع بورسعيد 

وجدوا ضابط انجليزى يقود عربته الجيب وحده ويطارد طفل مصرى يركب دراجه 

ارتبك الطفل فوقع من على دراجته فنزل إليه الضابط شاهرا مسدسه 

فتدخلت مجموعه الدوريه  وأقنعو الضابط الانجليزى  أنهم من الشرطة المصرية، وتعهدوا له بأنهم سيأتون له بالطفل فاقتنع واستدار ليركب السيارة

فخطف "أحمد هلال" السلاح الخاص به وقام "محمد عبدالرحمن" بلي ذراعه اليسرى ووضع إصبعه في ظهره وكأنه مسدس فانهار تمامًا

وقادوه إلى السيارة، وحاول مورهاوس ضرب السائق ( علي زنجير )

فلكمه الفدائى على لكمة شديدة أسقطته على أرض السيارة.

توجه الفدائيون بالضابط إلى مبنى (بلوكات النظام ) وهو احد مبانى الشرطة المصرية 

 وهناك

 جردوا "مورهاوس" هناك من متعلقاته الشخصية (الكارنيه- نوته مذكرات)

وعلموا انهم خطفوا ابن عمة ملكة انجلترا 

 وحاول الهرب فوضعوا منديلًا علي فمه وربطوه حول وجهه ووضعوا الكلابشات في يديه ورجليه ووضعوه في جوالين ثم في صندوق ثم وضعوه في سيارة تابعة لفرق الأمن بعد أن ذهب علي زنجير لكل يتخلص من السيارة التي استخدموها في العملية

تم نقل مور هاوس إلي سيارة أخرى تابعة لعمليات خدمة المياه 

وذهبوا إلي بيت في شارع أحمد عرابي ووضعوه في الدور الأرضي

 ولسوء حظه فقد وضع الصندوق مقلوبُا وبعد أن علم الإنجليز بعملية الخطف 

اشتعلت كل نيران الغضب

واصدر الجنرال كيتلى القائد العام للقوات المعتدية اوامره بحتميه استعادة الضابط مور هاوس فالقصر البريطانى والشعب البريطانى لن يقبلوا استمرار اختطافه فهو رمز لبريطانيا العظمى مثل كل افراد العائله المالكه

رمز لقوة الامبراطوريه البريطانيه التى لا تغيب عنها الشمس

 وبدأت قوات الغزو  نشاطًا موسعُا للبحث عن الضابط المخطوف 

وعلي مسافة قريبة من البيت الذي أخفاه فيه الفدائيين وجدوا السيارة التي استعملوها فقام الجيش الانجليزى بفرض حصار على الحيى باكمله

( من شارع كسري حتي طرح البحر ومن شارع الأمين حتي شارع محمد علي )

وهو مستطيل كبير جدا ووضعوا الأسلاك الشائكة

ونصبوا مدافعهم الرشاشه ومنعوا دخول او خروج اى مصرى 

حاصر جنود الاحتلال المنطقة ثلاثة أيام

ما تسبب في منع الفدائيين من دخول الحيى المحاصر لتقديم الطعام أو الشراب لـ"مور هاوس"  وخلال هذه الفترة مات في صندوقه أي أن الإنجليز هم الذين قتلوه حيث كانوا يفتشون المنازل والعجيب أن البيت الذي أخفوه فيه كان داخل منطقة الحصار وقام الانجليز بتفتيشه ولكنهم لم ينتبهوا انه محبوس فى الصندوق

 وقام الفدائيي بدفنه  بعد ذلك أسفل العقار".

فى تلك الفتره قام الانجليز باستدعاء امهر ضباط مخابراتهم ليشارك فى استجواب المصريين وعمليه البحث عن الضابط مورهاوس وهكذا وصل

  الميجور /  جيمس ماكدونالد ويليامز 

الذى كان يشغل قائد المخابرات الانجليزية بمنطقه القناة قبل جلاء الاحتلال الانجليزى عن مصر فشمر عن ساعديه ليثبت لقيادته أنه المنقذ الذي سيمحو العار الذي لحق بالشرف الانجليزى  ويرد الكرامة المهدرة 

وبدأ ضابط المخابرات البريطانى فى قيادة رجاله والقاء القبض على المصريين واستجوابهم مستخدما ابشع اساليب التعذيب وانتشرت اخبار تعذيبه للمصريين

وفى صباح يوم الرابع عشر من  ديسمبر1956  وقف الشاب النحيل

 سيد عسران عند ناصية شارع رمسيس ببورسعيد

 وبدا للناظرين وكأنه يأكل رغيف خبز يمسكه بيده اليمين 

ماهي إلا لحظات قليلة حتي أقبل الصيد الثمين يرفل في بزته العسكرية مزهوا يخطر في خيلاء ويبدو من عليائه كفارس مغوار يمتطي صهوة جواده جالساًُ في مقعده الأمامي بسيارته الجيب مغروراً 

 كان خارجاً لتوه من مبني شعبة البحث الجنائي القديم التي تقع أمام مسجد الرحمة ( فاروق سابقاً )

أشار سيد عسران للميجور المغرور بورقة كانت معه ، ظنها  ويليامز تحوى معلومات يريد الصبى ثمنها فتوقف بسيارته ليتحري الأمر ، إلا أن الفتي عسران عاجله بإلقاء قنبلة يدوية  كان يخفيها  في رغيفه ونزع فتيلها وألقي بها في سيارة الميجور وبسرعة فائقة انفجرت في " دواسة " سيارة الميجور الرهيب ( وبترت ساقه وتم نقله فورا بطائره بريطانية الى المستشفى فى قبرص 

ولكنه توفى فورا )

وكان الفتى سيد عسران قد انطلق بدراجته فورا 

وانتشر النبأ فى شوارع بورسعيد  ولد صغير زى العفريت قتل وليامز ) وهكذا اطلق على سيد عسران لقب الولد العفريت الذى لاصقه باقى عمره

وكان المخبر المصرى ( محمد القشطه )

قد شاهد سيد عسران وكان يعرفه وسارع الى المعلم عسران واخبره ان ابنه بطل وانه قتل وليامز المجرم

ودخل سيد على ابوه المعلم عسران واحتصنه وابلغه باستشهاد شقيقه فى مجزره الدبابات الانجليزية 

الجيش الشعبى يحول بورسعيد الى جحيم حقيقى للقوات المعتديه

 ١٩ ديسمبر ١٩٥٦

تم انزال العلم البريطانى من فوق مبنى هيئة  قناة السويس ببورسعيد

 ٢٢ ديسمبر ١٩٥٦

انسحاب القوات الانجليزية والفرنسية من بورسعيد

٢٣ ديسمبر ١٩٥٦

تسلمت السلطات المصريه مدينة بورسعيد

واصبح اليوم عيدا للنصر فى مصر

١٦ مارس ١٩٥٧

اتمت اسرائيل انسحابها من كل سيناء 

نلتقى غدا مع حقيقة الموقف الامريكى من العدوان وحقيقة الانذار الروسى

يتبع 


تعليقات

المشاركات الشائعة