الجزء الرابع عشر من دراسه الانتصار العسكرى المصرى

 


(( ١٤ ))

كتب - جمال النجار 

الجزء الرابع عشر من دراسه الانتصار العسكرى المصرى على العدوان الثلاثى فى الميزان العسكرى والاستراتيجى 

الموقف الامريكى من العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ 

هل كان العدوان الثلاثى على مصر يتفق مع مصالح امريكا ام يتعارض مع مصالح امريكا ؟

هل فوجئت امريكا بالعدوان الثلاثى على مصر ؟

هل لم تنتبه المخابرات الامريكية للحشود العسكرية للدول المعتديه وتحرك اساطيلها وجيوشها لتنفيذ العدوان على مصر ؟

هل كانت امريكا تمتلك القدره على منع نشوب الحرب ومنع العدوان على مصر ؟

* اولا : نظره على علاقه امريكا بمصر بقيادة عبد الناصر 

* فى عام ١٩٥٦ كانت العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية ومصر بقيادة 

الرئيس جمال عبد الناصر 

 قد وصلت لقمه التوتر الذى تحول الى عداء معلن وصريح 

بعد صراع شرس بدأ 

* بمحاوله عبد الناصر شراء اسلحه للجيش المصرى من امريكا لردع الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على مصر وقطاع غزة الخاضع للادارة المصرية ولكن رفضت امريكا تسليح الجيش المصرى وبالتالى وخضوعا للارادة الامريكية رفضت كل دول اوروبا الغربية بيع الاسلحه للجيش المصرى

* فاتجه عبد الناصر الى الاتحاد السوفيتى والكتله الشرقيه 

وفى عام ١٩٥٥ عقدت مصر صفقه اسلحه مع الاتحاد السوفيتى على ان تورد الى مصر باسم تيشيكوسلوفاكيا حتى لا يثير عداء امريكا والغرب ضد مصر

ولكن امريكا اعتبرت ذلك اعلان حرب من عبد الناصر على النفوذ الامريكى 

* فى عام ١٩٥٥ انشأت امريكا حلف بغداد بقيادة بريطانيا ليضم تركيا وباكستان وايران والعراق ويتوسع ليضم كل الدول العربية لحصار الاتحاد السوفيتى ومنعه من مد نفوذه الى الشرق الاوسط والمنطقه العربية خاصه بعد صفقه الاسلحه التيشكية لمصر 

ولكن

* رفض عبد الناصر فكره الاحلاف لانها تعنى عودة الاحتلال الاجنبى بصوره جديدة

وقاد عبد الناصر حمله ادت الى رفض كل الدول العربية الانضمام للحلف عدا العراق الذى انضم للحلف 

واعتبرت امريكا ذلك اعلان حرب من عبد الناصر عليها 

* برج القاهرة

فى مارس عام ١٩٥٦ 

اعطت امريكا لمصر خمسه مليون دولار بهدف معلن للاعلام وهو دعم بناء البنية التحتيه لمصر بينما كان الهدف الحقيقى الذى ابلغوا عبد الناصر به هو : 

* اولا : توقف مصر عن اعلان عداءها لاسرائيل وتخليها عن تبنى قضيه فلسطين

 * ثانيا : توقف مصر عن دعم الثوره 

الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى للجزائر 

 * ثالثا : توقف مصر عن رفض حلف بغداد 

واخذ عبد الناصر المبلغ وأمر ان يقام به برج يكون الاعلى فى افريقيا رمزا لرفض الهيمنه والجبروت الامريكى

يقول المؤرخ العسكري

 اللواء / جمال حماد: 

( عندما تم بناء البرج كان له اسمان، فالأمريكان أطلقوا عليه «شوكة عبد الناصر»، أما المصريون فقد أطلقوا عليه اسم «وقف روزفلت» )

* في ١٩ يوليو  عام ١٩٥٦  أعلن وزير الخارجية الامريكى (جون فوستر دالاس) سحب العرض الأميركي بالمساعدة في تمويل بناء السد العالي.

*فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦ اعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس ( ردا على رفض امريكا تمويل بناء السد العالى ) لتستفيد مصر من دخلها فى بناء السد العالى 

* فى ١٦ أغسطس عام 1956 عقد مؤتمر فى لندن  وجمع مستعملي القناة

 تم في إثر هذا المؤتمر إرسال رئيس الوزراء الأسترالي على رأس لجنة خماسية للقاء الرئيس / جمال عبد الناصر

 لإقناعه بقبول المشروع الأميركي الذي طرح في المؤتمر والداعي إلى إنشاء مؤسسة دولية تقوم على نمط الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة لتشرف على إدارة قناة السويس

ورفض عبد الناصر المشروع الامريكى 

* وبعد حوالى شهرين بدأ العدوان الثلاثى الذى كان فى قمه اهدافه اسقاط نظام حكم عبد الناصر عدو امريكا فى المنطقه العربية

* ثانيا : علاقه امريكا بالدول المعتديه :

* فى الحرب العالميه الثانيه قامت الجيوش الالمانيه باجتياح فرنسا واحتلالها

وقامت الجيوش الالمانية بقصف انجلترا وهدمتها وكانت على وشك اجتياحها واحتلالها

ولكن

* اتى التدخل الامريكى فى الحرب ضد المانيا  ليقلب الموازين وتقوم القوات الامريكية بانقاذ بريطانيا من السقوط وتقوم بغزو فرنسا وتحريرها من الاحتلال الالمانى وتنتهى الحرب بهزيمه المانيا ولكن كانت بريطانيا وفرنسا وكل دول اوروبا قد تم تدميرها

 وتقوم امريكا بتنفيذ مشروع ( مارشال )

( فى عام ١٩٥١ اعيد تسميته بمشروع الامن المتبادل واستمر تنفيذه الى عام ١٩٦١ )

 لاعادة بناء انجلترا وفرنسا واعادة بناء اقتصاديات هذه الدول بالاموال والدعم الامريكى  واعادة بناء كل اوروبا الغربيه 

وفى عام ١٩٥٦ كان مشروع مارشال الامريكى لاعادة بناء انجلترا وفرنسا مازال مستمرا

* وكانت امريكا قد شكلت حلف شمال الاطلنطى بقيادتها لتوفير الحمايه العسكرية لفرنسا وانجلترا وكل دول اوروبا الغربيه ضد الخطر السوفيتى 

(( اى ان امريكا هى من كان ينفق ويطعم ويبنى ويحمى انجلترا وفرنسا فى عام ١٩٥٦ ))

ومن غير المنطقى ان تتخذ انجلترا وفرنسا قرارا بغزو مصر بدون علم امريكا وضد ارادتها 

* فى مقال نشر بجريدة الأهرام عام 1996 بمناسبة مرور 40 عاماً على حرب 1956

ذكر اللواء أ.ح / محمد رفعت وهبة 

 زميل أكاديمية ناصر العليا

( علماً بأن الولايات المتحدة قد طمأنت بريطانيا وفرنسا أنهما لو تعرضتا لهجوم صاروخى سوفيتى فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستفى بإلتزاماتها تجاه حلف الأطلنطى )

اى ان امريكا دعمت ولو بالكلمات الدول المعتديه وطمأنتهم حتى يستمروا فى عدوانهم 

* علاقة امريكا باسرائيل : 

 * 14 مايو 1948 كانت امريكا اول دوله تعترف باسرائيل 

عندما أصدر الرئيس الامريكى هاري ترومان بيان اعتراف عقب إعلان إسرائيل الاستقلال

* في نفس التاريخ تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية عندما قدم السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده كاول سفير اجنبى فى اسرائيل  فى 28 مارس 1949.

ومنذ ذلك الحين وكل الادارات الامريكية تتعامل مع اسرائيل باعتبارها قاعدة امريكية متقدمه فى منطقه الشرق الاوسط

* بل ان الباحثه الامريكية 

( إيمي كابلان )الأستاذة في جامعة بنسلفانيا المرموقة والمتخصصة في الدراسات الأمريكية اصدرت كتابا باسم

 «إسرائيلنا الأمريكية: قصة تحالف متشابكة».

وتقول الكاتبة إنها استعارت عبارة «إسرائيلنا الأمريكية» من موعظة ألقاها قس امريكى يدعى ( أبيل أبوت في عام  1799 ) يتحدث عن استثنائية أمريكا والتي تتماشى مع إسرائيل التوراتية.

 وقال إن «شعب الولايات المتحدة هو الأقرب موازاة إلى شعب إسرائيل الغابر عن أي شعب آخر على وجه البسيطة» (ص. 5).

*فالموقف الامريكى من اسرائيل ليس مجرد موقف سياسى ولكنه اقوى واعمق من ذلك لدرجه ان البعض يصف اسرائل بانها الولايه رقم ٥١ الامريكية

 * في 24 فبراير  عام 1956

أعطت الولايات المتحدة إذناً لفرنسا

 لبيع ١٢ قاذفة مقاتلة لإسرائيل كانت مخصصة لحلف الاطلنطى 

( امريكا بذلك اعطت اسرائيل طائرات كانت مخصصه لحلف الاطلنطى وعرضت امن كل حلفائها فى اوروبا للخطر فقوات حلف الاطلنطى فى ذلك التوقيت كانت مهمتها التصدى لاى هجوم سوفيتى على اوروبا )

*وفي مايو 1956 و تنفيذاً لأوامر البيت الأبيض، باشرت وزارة الدفاع الامريكية عملية

 (المخزون الاحتياطي )

 وهي خطة سرية جداً تهدف إلى توفير عتاد عسكري متطور من نوع معين لاسرائيل  إذا بدأ القتال أو أصبح وشيكاً في الشرق الأوسط . 

وصدرت الأوامر إلى سلاح الجو الامريكى  لإرسال 24 طائرة من طراز ( إف 86 ) من الوحدات الأمريكية العاملة في أوروبا إلى مطارات إسرائيل بمنتهى السرعة

 ( امريكا سحبت طائرات من قواتها فى اوروبا وارسلتها لاسرائيل رغم خطورة ذلك على امريكا واوروبا فتلك القوات فى ذلك التوقيت كانت مهمتها التصدى لاى عدوان روسى على اوروبا )

 وبالإضافة إلى الطائرات كان من ضمن ما امرت وزارة الدفاع الامريكية  هو أن تزود إسرائيل بمدافع هاوتزر وبنادق عديمة الارتداد وقواذف صواريخ ومدافع مورتر وألغام ضد الدبابات والأشخاص

 ومؤونة من الذخيرة لهذه الأسلحة تكفي للقتال ثلاثين يوماً

وبناءا على اوامر الرئيس الامريكى صدرت الاوامر إلى وزارة الخارجية الامريكية ان تتولى  موضوع حقوق القاعدة والترانزيت بالدول الاوروبية  لهذه الأسلحة التي سوف تعتبر “ظاهرياً” أنها “مخزون احتياطي عادي للقوات الأمريكية في أوروبا والبحر المتوسط 

كذلك فإن التعليمات الصادرة إلى المسئولين في سلاح الجو أشارت إلى ما يلي : ( نلفت الانتباه إلى طبيعة هذه العملية الحساسة، وإلى ضرورة اتخاذ احتياطات أمنية غير عادية لمنع حدوث أي تسرب معلومات محتمل )

( تصريحات للواء / سمير محمد غانم 

وكيل المخابرات العامه المصرية السابق )

فى ضوء ما سبق لنعد الان الى الاسئله التى بدأنا بها

هل كان العدوان الثلاثى على مصر يتفق مع مصالح امريكا ام يتعارض مع مصالح امريكا ؟

نعم كان العدوان الثلاثى على مصر يتفق مع مصلحه امريكا لانه كان على قمة اهدافه التخلص من عبد الناصر ونظامه العدو الاكبر لامريكا فى المنطقه العربية والذى يمنع تنفيذ الاحلاف التى تريدها امريكا لحصار الاتحاد السوفيتى والذى فضح امريكا ومحاولتها افساد الحكام وامر باقامه برج القاهره كرمز لذلك والذى يتصدى للخطر الصهيونى الاسرائيلى 

هل فوجئت امريكا بالعدوان الثلاثى على مصر ؟

بالتاكيد لم تفاجأ امريكا بالعدوان الثلاثى بل شجعت عليه ودعمته 

هل لم تنتبه المخابرات الامريكية للحشود العسكرية للدول المعتديه وتحرك اساطيلها وجيوشها لتنفيذ العدوان على مصر ؟

منطقيا لا يمكن ان يحدث ذلك 

هل كانت امريكا تمتلك القدره على منع نشوب الحرب ومنع العدوان على مصر ؟

بالتأكيد نعم كانت امريكا تستطيع ان تصدر اوامرها للدول الثلاثه بعدم العدوان وكانت تلك الدول ستخضع فورا فامريكا فى ذلك التوقيت كانت من يطعم ويبنى ويحمى تلك الدول 

وهنا يبرز سؤال

لماذا حرصت امريكا اعلاميا على اظهار رفضها للعدوان الثلاثى ؟

هذا الموقف الامريكى اتصور انه كان لتحقيق ثلاثه اهداف

الهدف الاول جاء ضمنيا ضمن تصريحات الرئيس الامريكى ايزنهاور ونائبه نيكسون 

حيث قال ريتشارد نيسكون

 نائب الرئيس الامريكى ايزنهاور

 للاعلام ( لا يمكننا من ناحية الاشتكاء من تدخل السوفيت فى المجر وفى نفس الوقت نوافق على تدخل البريطانيين والفرنسيين فى مصر ضد ناصر )

اذا الموقف الامريكى المعلن الرافض للعدوان كان هدفه اتاحه الفرصه لامريكا لمهاجمه الموقف السوفيتى فى بولندا والمجر ( حيث كان الاتحاد السوفيتى يكرر نفس العدوان هناك )

الهدف الثانى جاء ضمنيا فى تصريحات  الرئيس الامريكى ايزنهاور 

( اذا تم النظر الى الولايات المتحدة انها سمحت بالهجوم على مصر فان رد الفعل العنيف الناتج فى العالم العربى قد يدفع العرب الى معسكر الاتحاد السوفيتى وهذا ما لم نكن نريده )

اذا كان هدف امريكا تجنب رد الفعل الغاضب للعالم العربى والذى عبرت عنه الدول والشعوب العربية بعنف وقوة 

بينما كان الهدف الثالث اذا نجح العدوان وتم اسقاط عبد الناصر ستكون امريكا قد تخلصت من الد اعدائها فى المنطقه العربية دون ان تظهر فى الصوره وتظل محتفظه بصوره الدوله الحريصه على مبادىء الحريه واحترام ارادة الشعوب 

واذا فشل العدوان ستتحمل بريطانيا وفرنسا وحدهما تبعه ذلك وسيضعف موقفهم كثيرا ويقبلان طواعيه ان يتراجعا عن مكانه الشريك لامريكا ويكتفيان بدور التابع وهو ما حدث فعليا بعد فشل العدوان 

نلتقى غدا مع الموقف الروسى من العدوان 

يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة