أضواء كاشفة .. الحلقة الحادية والثلاثون

 


كتبت - زهره مصطفى  

متابعينا الكرام ما زال للحوار بقية واستكمالا لما سبق نشره  عن فن الواو  نجول معا فى ما هو آت 

                       ماذا تعرف عن

               " فن الواو "

                  ………

اتْباعًا لما قلناه فى الحلقة السابقة ، عن مواصفات الأدب الشعبى ، سوف نسوق بعض الأمثلة من مربعات " فن الواو " من أجل أن نستمتع بها أولا ، وثانياً من أجل الاستفادة من أسلوبها ، ومفرداتها، وتراكيبها، إذ أن اللغة تمثل عند الشاعر الأداة التى يغوص من خلالها  فى أعماق النص الشعرى ، وكما يقول "د.  رجاء عيد"  هى فن التعبير عن الأفكار والعواطف ، لا بوصفها ولا بشرحها من خلال مقاربات أو تشبيهات ، ولكن بالإيحاء إلي هذه الأفكار والعواطف ، بواسطة إعادة خلقها فى ذهن المتلقّى ، ونعيد القول بأن "فن الواو" هو نتاج ثقافة خاصة ، ضاربة فى أعماق الأرض المصرية ، ولقد حفظته لنا الذاكرة الشعبية ، وهو لعبة قولية بارعة نبتت ونشأت وترعرعت بين أهل الصعيد ، وتتولّى اللغة والقافية فيها ناصية الدور ، وكلما كانت لغة الشاعر بسيطة اتسعت مساحة جمهوره الأمّىّ . .  

ولا يخفَى على أحد أن اللغة اليومية لسُكّان قُرَى جنوب مصر  هى لغة قادمة من أزمنة بعيدة عبْر تاريخ الفقراء ، شعراءَ كانوا  أم جمهورًا، وهذه اللغة تحولت بفعل محاورات تفاصيل الحياة اليومية ، إلى تعابير مكثّـفة المعانى ، وتحْمِل أبعد من ألفاظها.. وهذا هو الشعر - كما يقول الأبنودى - وقد قيل إن أفضل الشعر أقدره على استثارة المشاعر ،والشعرهو ما أطرب ، وهزّ النفوس ، وحرّك الطباع ، ولذا فإن الحكم علي جودته يكون بمقدار  ما فى مضمونه من  قِيَم ، وما فى صياغته من فن ، و نؤكد أيضًا على أنه على الرغم من وضوح المعانى التى تتضمنها الأشعار الواوية ، فقد استمدّت هذه الأشعار جاذبيّتها ومقوّمات خلودها من صياغتها الشعرية ..

 يقول المربع التراثى :

يا دِنْيا  مالِك  كَمَنْتِى / وخلَطْتِى  سَمْنِك  بجايِــز

خلّيتى الأسُودة كمنْتِى/ وايش تِعْمِلِى فينا جايِــز

                               ***

ولتظهير بعض الكلمات الملويّة الأذرع والأعناق نقول : ( كمنتى ) الأولى من الكمون ، أى اتّسمْتى بالاستخفاء والمباغتة ، و(خلطتى سمنك بجايز ) كناية عن تضارب الأمور ، والتنكيد على الناس  

إذ كيف تختلط السّمْنَة  "بجايز" ، أى بالجاز ؟  

و " الجاز"  هو الكيروسن - وهو سائل بترولى معروف ..!

و (كمنتى) الثانية مكونة من كلمتين ،  كما وهى أداة تشبيه ، و (نِـتِى ) والنتى أى الإناث ، وهى جمع (نتاية ) و"النتاية" فى اللهجة الشعبية يُقصد بها (الأنثى ) وهى ضدّ الرجل ، ففى الثقافة الشعبية ، الرجل هو رمز القوة والمجالدة ، فيشبّهونه بالأسد ، فى الهجوم والإقدام ، والأنثى رمز الحنوّ والرّقّة والضعف  … والمعنى أن الدنيا 

أرهبَت الرجال الأسودة  فحوّلتهم إلى الجنس الآخر..! 

                             *****

                                                (يتبع 👈 )

   

                الشاعر / عبد الستار سليم 

                 ناقد وباحث فى التراث

            متابعة الشاعرة / همت مصطفى 

المستشار الاعلامى للشاعر عبد الستار سليم 

تعليقات

المشاركات الشائعة