الفرق بين الزجَـل و الشعر العامّى


       
كتب - الشاعر والناقد  / عبد الستار سليم

يختلف الشعر العامى عن الزجل فى ( المضمون ، والشكل ، والوسائل المستخدمة لصياغة مضمون التجربة )، فالزجل يتناول غرضا محدّدًا ، متضمّنًا الحكمة  ، ومعتمدًا إيقاع مجمل العناصر المميّزة للشعر العربى القديم ، كاستخدامه إيقاعًا واحدًا ، و بحرًا واحدًا ، ونمطًا واحدًا من القافية ..

كقول بيرم التونسى  عن "الأحزاب"  :

يا ربّ   انا   اتْوَكّلْت   عليك
ورْجِعت إليك 
ما تنسانيش انا صُنْع يديك
يا رؤوف يا ودود
***
مين كان يقول انّ  الأحزاب 
تصبح أحباب 
لك وحدك الحمد   يا وهّاب 
يا صاحب الجُود
…..
 
أما الشعر العامى ، فلا ينطلق من غرض محدّد مسبق فى ذهن الشاعر ، وإنما لديه تجربة شعرية ، تأخذ ملامحها مع التشكيل ، وتنحت لنفسها مجراها الخاص .

 والشعر العامى نابع من فكرة الاهتمام  بروح الشعب ، وفى العصر الحديث ، يهتم الشاعر العامى بالبناء (  درامى - ذاتى ) ، والقصيدة تهتمّ برؤية الشاعر أكثر من اهتمامها بالتجربة الموضوعية الخارجية .. فالشاعر يعيش واقعه وينصهر فيه ، ويصبح هذا الواقع  جزءًا من وجدانه الذى يعيشه ، فيصدر شعره من وجدانه الحقيقى .. 
يقول صاحب هذه السطور ، فى قصيدة من شعر العامية المصرية :

قابِـض على جَـمْرِ تِك  
يا ساكْـنَة وجْدانِى 
وهَج      اللهب    لَـفّنِى 
والعِشْق سَوّانى
يا امّ الشُعور الليل 
 والكُحْل ربّانى 
ياامّ الشعور الليل
ضِحكِة عنيكى فرَح 
يهْوَى ركوب الخيل 
سِبْتِك 
فى يوم ما  ابْتـَديت 
 جِـيتلِك
فى يوم ما انْـتهيت 
أمّلْـت ألقاكى 
أمّلْـت ألقانِى
مِن   طُو لِة   الرّحْلة 
عينى سِرِ قْها النّوم 
 لـمّا صِحيت ما  وجَدْت 
 خِلّا نى
بَـيّـتّ فوق الجبَـل 
يمكن أبَان ليهم 
 لكن هُطول المطَر 
بِتْـيابُه غطّانى 
غنّيت انا  حزْنى 
 والحزْن غنّانى
شُوك الأ لَم مفْهوم 
خَطّ القلم مفهوم 
بَـسّ اللى مش مفهوم 
طِـيفِك - يا سَمْرَا - اللى 
 راح 
مِين اللى دَلّـُه علَـىْ
و  ادّالُه 
عنوانى ..؟!
…………….     (من شعر / عبد الستار سليم)       
   
***

وهناك نوع من الكتابة السهلة المباشرة ، التى تُسلّى القارئ، ولكن كثير منها - بمنظور الفن الحقيقى - لا تصمد ، ففى كل الدنيا ، هناك من يقرأ ليتسلّى ، وهناك من يقرأ  ليعرف العالم بشكل أفضل ..
ويجب أن نتّـفق على أن الناس فى الأدب ليسوا سواء ، 
فهناك قراءة للتسلية ، وقراءة للمتابعة الفنية ، 
( اتفق معظم النقاد على ذلك) .
وكانت العرب إنما تفاضِل بين الشعراء فى الجودة والحُسْن ، بشرف المعنى وصحّته ، وجزالة اللفظ واستقامته .. وتُسلم السّبْق فيه ، لمن وصف فأصاب ، وشبّه فقارب .
والشعر الجيد ، ما كان قريب المأخذ ، غير متكلّـف ، خاليًا من التعقيد ، مُسلمًا إلى تهذيب النفوس ..!



تعليقات

المشاركات الشائعة