هل أطلقت "أبل" صافرة السباق في سوق "النظارات الذكية"؟

 


كتبت _ منة الشبراوي

فى خلال الساعات الماضية تصدرت شركة أبل من خلال نظارتها الذكية الأولى التي تحمل إسم "فيجن برو" (Vision Pro) عناوين الأخبار العالمية  فالشركة الأميركية التي لم تطلق منذ نحو عقد منذ الزمن أي منتج مبتكر بعيدا عن آيفون باتت تملك الآن نوعاً جديداً تماماً من الأجهزة القابلة للارتداء على الوجه.

على الرغم من أن  Vision Pro ليست النظارة الذكية الأولى التي يتم الإعلان عنها في الأسواق إلا أن دخول أبل هذه الصناعة سيكون بمثابة لحظة فاصلة ستؤدي إلى زيادة الثقة بهذا النوع من المنتجات وهذا ما أثبتته ردة فعل الجمهور في العالم الذي تفاعل مع Vision Pro عبر منصات التواصل الاجتماعي رغم أن موعد إطلاقها في الأسواق لن يكون قبل مطلع عام 2024.

ما هى أنواع النظارات الذكية ؟

انتشر في الأسواق العديد من النظارات الذكية التي تنتمي إلى 4 فئات مختلفة وهي كالتالي:

• يوجد النظارات الذكية العادية التي تقدم بعض المزايا الرقمية البسيطة.
• يوجد نظارات الواقع الافتراضي المعروفة باسم Virtual Reality ويتم اختصارها بــ VR.

• يوجد نظارات الواقع المعزز المعروفة باسم Augmented Reality ويتم اختصارها بــ AR.

• يوجد نظارات الواقع المختلط المعروفة باسم Mixed reality ويتم اختصارها بــ MR.

وعن الفرق بين VR وAR وMR :

= بالنسبة للكثيرين قد تبدو نظارات الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR والواقع المختلط MR متشابهة ولكن الحقيقة ليست كذلك حيث تعمل نظارات الواقع الافتراضي VR على عزل المستخدم تماماً عن العالم الخارجي من أجل "نقله" إلى بيئة جديدة تم إنشاؤها رقمياً .. فيما تقوم نظارات الواقع المعزز AR بجلب العالم الرقمي الى مكان تواجد المستخدم ما يشعره بأنه موجود في مكان يجمع بين الحقيقة والخيال .. أما نظارات الواقع المختلط MR فتقدم مزيجاً بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع الفعلي حيث تضيف إلى المشهد الموجود أمام المستخدم بعض المشاهد أو الاشخاص أو الكائنات أو الأدوات.

وعن التقنية الأقوى والأصعب :

اما من الناحية التقنية تعتبر نظارات الواقع المعزز AR الأصعب في التنفيذ والتصميم حيث لم يقم أي طرف بعد بطرح نظارات تجسد المعنى الحقيقي لهذه التكنولوجيا فرغم إعلان العديد من الشركات عن طرحها لنظارات AR  إلا أن تجربة الاستخدام كانت تُظهر أن هذه النظارات قريبة لتجربة الواقع المختلط MR أكثر منه إلى تجربة الواقع المعزز AR.

بالرغم من اعتقاد الكثيرين أن نظارة Vision Pro من آبل تنتمي لفئة الواقع المعزز AR إلا أن هذا الأمر غير صحيح فهي تنتمي إلى فئة الواقع المختلط MR الذي وكما أشرنا يقدم مزيجاً بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع الفعلي وهذا الأمر ألمحت إليه أبل في بياناتها الصحفية المتعلقة بـ Vision Pro واصفة إياها بالنظارة التي تمزج بسلاسة بين المحتوى الرقمي والعالم المادي.

يذكر أن النظارات الذكية بفئاتها المختلفة موجودة في السوق منذ ما يزيدعلى 20 عاماً لكنها لم تنجح جماهرياً بسبب بدائيتها وسعرها المرتفع وعدم تقبلها من المستخدمين لصعوبة استخدامها إلا أن الوضع بدأ يتحسن في السنوات العشر الأخيرة  مع دخول هذه الصناعة شركات كبيرة مثل جوجل ومايكروسوفت إضافة لأطراف أخرى .. إذ قامت هذه الشركات بطرح نظارات مقبولة نسبياً مثل ODG R-7 و Kopin SOLOS و Google Glass Enterprise Edition و Everysight Raptor و Epson MOVERIO BT-300 و HoloLens.

وعن دور "ميتا" في هذه الصناعة :

من الممكن القول .. إن المشهد في صناعة النظارات الذكية تحسّن قليلاً بعد دخول شركة ميتا التي تتبعها فيسبوك وانستجرام لهذا القطاع وطرحها في السنوات الأخيرة للعديد من نظارات Oculus للواقع الافتراضي VR وقد استمرت الشركة الأم لفيسبوك بتحقيق نقلات نوعية في هذا المجال .. مع طرحها في عام 2022 لنظارة  "كويست برو" للواقع الافتراضي وهذا ما مكن "ميتا" من بسط سيطرتها على المبيعات في هذا المجال لتعلن منذ أيام أيضاً عن نيتها اطلاق نظارة Quest 3 في خريف 2023 .. مشيرة إلى أن هذه النظارة ستعمل وفقاً لتقنية الواقع الافتراضي VR والواقع المختلط MR ما يعني أنها مشابهة لنظارة آبل Vision Pro من الناحية التقنية ولكنها أرخص ثمناً منها فنظارة Quest 3 يبدأ سعرها من 500 دولار فيما يبدأ سعر Vision Pro من 3500 دولار.

بحسب تقديرات شركة Statista لأبحاث السوق لاتزال أعداد مستخدمي أجهزة الـ AR و VR و MR قليلة جداً في العالم إذ من المتوقع ان تصل الى نحو 120 مليون مستخدم في نهاية 2023 حيث أن 90 % من هؤلاء يستخدمون أجهزة الواقع الافتراضي VRفي حين تشير التوقعات إلى أن سوق أجهزة AR و VR و MR ستستمر بالنمو ليصل عدد مستخدمي هذه الأجهزة إلى نحو 240 مليون مستخدم في 2027.

قال مهندس تكنولوجيا المعلومات محمد شامي، في حديث له: إنه قبل الغوص بالتغييرات التي سيحدثها دخول أبل إلى صناعة النظارات الذكية  يجب على الجميع إدراك أن هذه السوق تعاني من حالة تخبط تسبب بها عدم قدرة الناس على تحديد الفرق بين الـ AR والـ MR والـ VR حيث أن هذا الأمر استغلته بعض الشركات لمنح منتجاتها من النظارات الذكية أوصافاً تقنية غير صحيحة.

كما أشار إلى أن هذه الصناعة لطالما عانت من الركود بسبب فقدانها لعناصر جذب المستخدمين ففي الوقت الذي يصل فيه عدد مستخدمي الهواتف الذكية إلى أكثر من 5 مليارات شخص مليارات في العالم لا يزال عدد مستخدمي أجهزة الـ AR والـ MR والـ VR قرب 100 مليون شخص حيث يتنافس على هؤلاء عدد كبير من الشركات.

أيضا يرى شامي أن دخول أبل إلى صناعة النظارات الذكية سيحدث تحولاً نموذجياً في هذا القطاع فالشركة بارعة جداً في تحويل الأدوات التقنية إلى رموز مرغوبة من قبل الجمهور رغم ثمنها الباهظ.
"عندما أطلقت أبل ساعتها الذكية قبل سنوات كان هناك العديد من الساعات الذكية الأخرى في السوق ولكن ساعة أبل أحدثت وقعاً مختلفاً بين الجمهور وهذا ما ساعد الشركة في التربع على عرش صناعة الساعات الذكية حالياً" بحسب ما قاله شامي الذي توقع أن يتكرر هذا السيناريو خلال السنوات المقبلة حيث ستزيح أبل شركة ميتا عن قيادة سوق النظارات الذكية.

يعتقد شامي إن Vision Pro لن تكون مصدراً كبيراً للإيرادات على الفور حيث سيحتاج تحقيق هذا الكثير من الوقت  معتبراً أنه "من السابق لأوانه مقارنة نظارة أبل من الناحية التقنية بغيرها من النظارات وذلك كوننا نتكلم عن منتج لم يصل إلى الأسواق بعد  ولذلك علينا انتظار موعد توفرها بين أيدي المستخدمين ليبنى على الشيء مقتضاه".

هل أبل ستحدث فرقاً ؟

يقول المحلل في شؤون التكنولوجيا ريان مرتضى في حديث له: إن دخول ابل إلى سوق النظارات الذكية سيؤدي إلى زيادة الثقة في هذا النوع من المنتجات وسيزيد من المنافسة والحماس مشيراً إلى أن أبل دائماً ما تستخدم علامتها التجارية وميزانيتها التسويقية الضخمة لتشرح للمستهلكين سبب حاجتهم إلى الأدوات الجديدة ومن هنا فإن دخول صانعة الآيفون إلى عالم النظارات الذكية سينعش هذا القطاع الذي يعاني حالياً من البطء وعدم القدرة على تحقيق نمو كبير.

أضاف مرتضى أن أبل نادراً ما تخترع شيئاً غير مسبوق وبدلاً من ذلك فإنها تقوم بأخذ الأفكار الموجودة في السوق وصقلها بطرق تجعلها أكثر جاذبية للمستهلكين وهذا تحديداً ما حصل مع Vision Pro التي تنتمي لفئة الـ MR أي الواقع المختلط.

كما أشار إلى أن أبل تفادت حتى الساعة تحديد الفئة التي تنتمي إليها نظاراتها بشكل واضح حيث أنها قامت وكعادتها باستخدام أسلوب الإيحاء على أنها من فئة الواقع المختلط كما أنها لجأت إلى استخدام عبارات توحي للمستخدمين أنهم أمام تكنولوجيا غير مسبوقة وهذا الأمر غير صحيح فتكنولوجيا الـ MR ليست تكنولوجيا غير مسبوقة.

يقول مرتضى : فإننا مع Vision Pro قد نكون وصلنا إلى نظارة ذكية خارقة لا يوجد حالياً ما يضاهيها على أن نتأكد من ذلك لدى طرحها مشدداً على أن نظارة أبل ستكون السبب الرئيسي في انتقال هذه الصناعة التي وصل حجمها في 2022 إلى 5.6 مليار دولار  فقط من سوق صغيرة وضعيفة إلى سوق ضخمة ومتوقعاً أن تكون النسخة اللاحقة من Vision Pro أكثر تطوراً من مختلف النواحي .

تعليقات

المشاركات الشائعة