ماذا ينتظر القطاع العقاري في مصر بعد قرار "تملك الأجانب"؟


كتبت _ سجى محمد
من ضمن مجموعة من القرارات الجديدة الصادرة في مصر والهادفة إلى تذليل العقبات أمام المستثمرين بشكل عام وتعظيم مشاركة القطاع الخاص بالاقتصاد استحوذ التعديل الخاص على ضوابط "تملك الأجانب للعقارات في مصر" على اهتمامٍ واسع لا سيما بالنظر إلى ما يتيحه مثل ذلك القرار من فرصٍ على عدة مستويات بخلاف تأثيراته المتوقعة على القطاع العقاري أيضاً.

خلال مؤتمر صحافي بحضور عددٍ من الوزراء تم خلاله استعراض مخرجات الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار الذي ترأسه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كشف رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي عن تفاصيل القرار الجديد الخاص بتملك الأجانب على النحو التالي :

* نصت القرارات المُنظمة فيما مضى كان مفادها أن الحد الأقصى لأي أجنبي يريد تملك عقار في مصر هو عقاران اثنان ويكونان في مدينتين مختلفتين.

* من اليوم سيعمل وزير العدل مع جميع الجهات من أجل إطلاق هذا الرقم ليكون بإمكان أي أجنبي يريد القدوم وتملك عقارات داخل مصر تملك أي عدد من العقارات.

* إذا كان ذلك في إطار الضوابط التي تتضمن سداد قيمة هذه العقارات وبأولوية السداد بالعملة الحرة.

أتي ذلك في وقت تُبدي فيه الدولة المصرية حرصاً واسعاً على تذليل العقبات كافة أمام المستثمرين وفي سياق جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل خاص وقد عبرت القرارات الأخيرة ( 22 قراراً ) الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية عن حجم المحفزات والتيسيرات في هذا السياق.

قال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة : إن هذا القرار يفتح الباب أمام دخول المزيد من الاستثمارات في القطاع العقاري كما يعكس زيادة حجم الطلب وبما يسهم في تحريك القطاع بصفة عامة ولا سيما في ظل الإنجاز المُحقق في المشروعات الاستثمارية باهظة الثمن (الفاخرة) والتي لا تناسب قدرات شريحة كبيرة من المصريين بينما يمكن للأجانب التملك فيها.

أضاف : تبعاً لذلك فإن شريحة كبيرة من المستثمرين سوف يقبلون على تلك المناطق التي هي ذات طبيعة خاصة لا سيما مناطق مشاريع الاستثمار السياحي في العلمين وشرم الشيخ وغيرها من المناطق التي تزخر بالمشاريع العقارية وكذلك المدن والمشاريع العقارية الفاخرة القريبة من المناطق الصناعية المرتبطة بعمل المستثمرين الأجانب .

حدد الخبير الاقتصادي المصري في نقاط مُوجزة أبرز العوائد المُنتظرة من هذا القرار، على النحو التالي:

أولا : تحريك النشاط العقاري

ثانيا : زيادة القدرات التشغيلية وخلق فرص عمل

ثالثا : ضخ عملة صعبة

رابعا : تنشيط عدد من القطاعات المرتبطة بالقطاع العقاري

أوضح مصطفى بدرة :  أن القطاع العقاري يُعد قاطرة تجر خلفها كثيراً من القطاعات وبالتالي فإن مثل هذا القرار الذي يؤثر على القطاع من شأنه التأثير بشكل واضح على تلك القطاعات الأخرى ذات الصلة وبما في ذلك القطاع السياحي الذي يؤثر في القطاع العقاري ويتأثر به ومن ثم المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد وحركة الاستثمار.

حيث كانت تقارير سابقة قد كشفت عن تقديرات إيجابية لمسار قطاع العقارات في مصر  من بينها تقرير صادر عن وكالة "فيتش"  توقع توسع القطاع بنسبة 6.8 %  على أساس سنوي خلال العام الجاري 2023 وبمتوسط نمو 7.4% بين عامي 2024 و2027، مشيرة إلى أن "مصر سوف تشهد دوراً أكبر لرأس المال الخاص لاسيما في ظل إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص .

عن دعم مناخ الاستثمار ..

يرى رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصاديةزالدكتور رشاد عبده : أن القرار الجديد المرتبط بفتح الباب لتملك الأجانب للعقارات هو قرار صائب، بينما جاء متأخراً جداً  ذلك في إشارة إلى حاجة القاهرة لمثل ذلك القرار منذ فترة طويل، لدعم مناخ الأعمال والاستثمار.

أشار إلى أنه على سبيل المثال، ليس من المنطقي أن تعمل الدولة على جذب الاستثمارات ودعوة المستثمرين لضخ استثماراتهم في مصر وفي الوقت نفسه تضع قيوداً على تملكهم للعقارات وبما يضطر بعضهم لمباشرة أعمالهم من داخل "فندق" مثلاً موضحاً أن المستثمر من حقه أن يتملك العقارات وبما ينعكس على قدرته على إدارة أعماله بشكل مستقر وآمن.

كما أشار إلى أن مثل ذلك القرار من شأنه المساهمة في جذب المستثمرين للعمل في مصر، وذلك بالنظر إلى كونه يتغلب على واحدة من المعوقات التي كانت متواجدة من ذي قبل.

ما يلى ذلك القرار ضمن مجموعة من القرارات الجديدة ( 22 قراراً ) الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار أخيراً يرى رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية أن "الأهم من القرارات نفسها هو التنفيذ .. العبرة بالترجمة العملية على أرض الواقع وأن تخرج التشريعات التي تمت الموافقة عليها إلى النور من قبل البرلمان فضلاً عن وثيقة السياسات الضريبة للدولة خلال الـ 5 سنوات المقبلة.
يسهم تطبيق تلك الإجراءات بشكل عملي في أن يستطيع المستثمر التخطيط بشكل واضح مع ضرورة الحد من البيروقراطية.

ان هدف مصر جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 10 مليارات دولار بنهاية العام الجاري 2023  وطبقاً للبيانات التي كشف عنها الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار المصرية حسام هيبة في أبريل الماضي فقد تجاوز صافي الاستثمار الأجنبي الـ 5 مليارات منذ بداية العام المالي الجاري.

فقد اتخذت الدولة المصرية خلال العام الماضي الكثير من الإجراءات والتي تضمنت إعداد وثيقة سياسة ملكية الدولة وكذلك التوسع في إصدار الرخصة الذهبية وقد أشار رئيس مجلس الوزراء في المؤتمر الصحافي الأخير إلى أنها فيما يخص الرخصة الذهبية فقد كانت مادة في قانون  الاستثمار منذ العام 2017 ولم يتم تفعيلها إلى أن تم البدء في تفعيلها بالفعل وتم منح الرخصة لـ 15 شركة بالإضافة إلى طلبات أخرى من شركات أخرى يتم إدخالها.

يشير رئيس الوزراء إلى أن أحد التوجيهات كان يقضي بأن ما يتمتع بالرخصة الذهبية هو فقط المشروعات الاستراتيجية والمشروعات الكبرى والآن هناك توصية بالتوسع في إصدار الرخصة الذهبية لمشروعات كثيرة حتى يتم تيسير الإجراءات.

يلفت الخبير العقاري عبد المجيد جادو : إلى أن عديداً من دول العالم تتيح تملك الأجانب للعقارات على ذلك النحو ولا سيما في سياق تشجيع الاستثمار لكنّ الأمر عادة ماتصاحبه مجموعة من المحددات والأبعاد السياسية والأمنية التي يتم التغلب عليها من خلال وضع ضوابط مُحددة على إتاحة الملكية مشدداً على أهمية تلك الضوابط التي سوف يتم الإعلان عنها في هذا السياق.

قد يعتقد بأن مجمل آثار ذلك القرار بلا شك تصب في صالح دعم الاقتصاد المصري بصفة عامة موضحاً أن القرار جاء في وقت يعاني فيه القطاع العقاري من حالة من الركود وبالتالي ينظر إليه في هذ السياق بكونه يؤدي لنوع من التنشيط للسوق خاصة مع ارتفاع تكاليف الصناعة بكل مدخلاتها ( بدءًا من مواد البناء وحتى الخدمات المرتبطة بالصناعة ).

أضاف الخبير العقاري المصري في السياق نفسه : صناعة العقار ومدخلاتها المختلفة هي صناعة مؤثرة في أي مجتمع وعادة ما تكون كثيفة العمالة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الخدمات المرتبطة بها ومثل ذلك القرار من شأنه تحريك السوق إلى حد ما في الفترة الحالية .

كما أشار إلى أن الإقبال على قطاع الاستثمار في قطاع العقارات الفاخرة نتيجة إتاحة تملك الأجانب يرتبط بدراسة جدوى للسوق ومدى الإقبال على تلك العقارات.

تعليقات

المشاركات الشائعة