عيد الحب في لبنان بالدولار

 



كتبت _ منة الشبراوي 
افتقدت بيروت للون الأحمر الذي كان يلون شوارعها في مثل هذه الأيام "موسم فالنتاين" ويغيب مشهد الدببة الحمراء المعلقة على مداخل وواجهات المكتبات ومحال بيع الهدايا إلا القليل منها

بسبب الأزمات المتتالية التى فرضت ألوانها المثقلة بالهموم فغلب الرمادي على المشهد
ما عاد  دببة حمراء "معلقة" في الشوارع ولا الورد الأحمر وجد طريقه إلى الأرصفة ويمكن القول إن الحفلات نادرة والمطاعم لم تحتضن العشاق في عيدهم

ما من شيء يحلّ مكان الحب تقول احد المضيفات : لكنّ رسائل الحب مثل الورد تسعّر اليوم بالدولار فبعدما كنّا نشتري الوردة بألف ليرة لبنانية في السابق نجدها اليوم بدولارين كأنّ الحبّ صار حرام علينا في هذا البلد
ويقول أحد الشباب ( 28سنة) الذي يجلس في أحد مقاهي بيروت  ويتحضر لأول عيد عشاق يجمعه بحبيبته هذا العام :
يبلغ راتبي الحالي حوالي مليون ونصف المليون من الليرات اللبنانية وهو ما يساوي قبل الأزمة 1000 دولار أردت اختيار هدية رمزية يدوية الصنع بلغت كلفتها  400 ألف ليرة وباقة ورد صغيرة بـ 300 ألف ليرة وهذه الذكرى ستكلفني حاليا نصف راتبي

اه يا ورد مين يشتريك؟
 عبد الرحمن طقوش صاحب محل ورود وأزهار في بيروت يقول  : الأسعار هذا العام مرتفعة من مصدر الورود وسعر وردة الجوري الحمراء مثلا يبلغ 30 ألف ليرة (دولار ونصف حاليا) قبل 3 أيام من موعد "فالنتاين" وقد يصل الى أكثر من ذلك يوم  الفالنتاين إذا ما سار السوق كما العادة بلعبة الاحتكار والاستغلال يوم العيد حيث يعمد التجار للإيحاء بانقطاع الورد كي يرفعوا سعره
أضاف : القيمة الشرائية للرواتب تراجعت بشكل كبير جدا والموسم في تراجع جراء الأزمة الاقتصادية عاما بعد عام
 تحدث عن الأسعار قائلا : يبلغ سعر باقة الورد ما بين 300 و400 ألف ليرة حسب حاجتها للاكسسوارات النباتية وغيرها من وزينة أما الدزينة (12 وردة) فيرتفع سعرها الى 600 ألف ليرة لقد أصبح شراء الورود اليوم من الكماليات وللفئة الميسورة من الزبائن
ثم يوضح قوله : في فبراير نستورد الورد من السوق الهندي والإكوادوري والكيني لأن الموسم في لبنان لم يبدأ بعد وموعده مع نهاية شهر مارس مع الاحتفال بعيد الأم متوقعا هبوط الأسعار حينها بشكل واضح 
استكمل حديثه قائلا  : كل شيء تأثر بالدولار بدءا من الفيتامين الذي يغذي الورود والنايلون للتغليف والتزيين وكلها مواد مستوردة من الخارج ويعزو إقفال عدد لا بأس به من متاجر بيع الورود في لبنان إلى الأزمة وارتفاع إيجارات المحال التي باتت تدفع بالدولار وقد تصل الى 1500 دولار وما فوق شهريا
في مكان آخر تزدحم مطبعة محمد بالهدايا الموضبة للتوزيع على الزبائن حسب الطلب والنقش على الهدايا وطباعة الأسماء على التذكارات وهذا المتجر بتقنياته الإلكترونية الذكية يُتوقع أن يشهد الإقبال لأن أسعاره قريبة من متناول فئة الشباب
هل الحب ضرورة ملحة ؟ 

تقول المتخصصة في علم الاجتماع الدكتورة وديعة الأميوني في حديثها : عيد الحب يختصر كل الأعياد وتصفه بعيد الإنسانية وتوضح : الإنسان ابن بيئته ويتأثر بالمتغيرات من حوله وحين يروج أي نظام رأسمالي لسلعة مادية تصير السلعة مطلبا أساسيا لا بل ضرورة ملحة والإنسان بطبيعته يتأثر بما يحدث من حوله

اردفت : من المؤسف رفع أسعار الورود للمناسبة واستغلال عادة تبادل الورود تعبيرا عن هذا الشعور الإنساني الجميل وهذا الاستغلال دفع المحبين الى التأقلم مع المتغيرات وبدلا من إهداء باقة من الورود صار المحب يشتري لحبيبته وردة واحدة فقط، وللضرورة أحكام
ثم ختمت الأميوني كلامها : مفهوم المحبة تغير وصارت المحبة ظرفية سريعة ومادية في ظل تحول الحياة الاجتماعية من واقعية إلى افتراضية وسيطرت المادة ولا بد من الإشارة إلى أن هذا العيد له آثار إيجابية على الصعيد الاجتماعي من خلال التواصل الإنساني الراقي الذي فقدناه اليوم نتيجة التحول الرقمي والظروف الاقتصادية الصعبة والفساد السياسي والاقتصادي 

تعليقات

المشاركات الشائعة