( كمين رمانه )

 



حدث فى أكتوبر 1973 ( ١٧  )

( لقد قاتل رجال الكوماندوز المصريين على المحور الساحلى بكل بسالة وكأنهم قد اقسموا على أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لمنعنا من الوصول لقناة السويس . الجنرال الاسرائيلى / أدان )

 وقف التاريخ فى رمانه ( كمين رمانه )

( النقيب / حمدى شلبى ورجاله يتحدون ويقهرون المستحيل )

كانت إحدى مشاكل الفريق / سعد الشاذلى 

وهو يخطط لحرب أكتوبر 1973 هى كيف يمنع وصول الدبابات الإسرائيلية إلى قناة السويس قبل استكمال فرد الكبارى وعبور الدبابات المصرية إلى الشرق حتى لا يكون رجال المشاة المصريين وحدهم فى وجه الدبابات الاسرائيليه فى الشرق ؟

وهى مهمة عاده يكلف بها سلاح الطيران وسلاح المدفعية والصواريخ ارض / ارض 

ولكن

سلاح الطيران المصرى بطائراته الأقل تقدما والأضعف تسليحا اضعف من أن يواجه الطيران الاسرائيلى بطائراته الأحدث والأقوى تسليحا فى معارك جوية فوق سيناء 

والمدفعية المصرية مداها اقل من تنفيذ هذه المهمة 

وهو موقف وحده كان كافيا لإجهاض فكره عبور القوات المصرية للقناه 

ولكن الزمن ليس فى صالح مصر فكل يوم يزداد فارق القوه بين مصر وإسرائيل

فكانت الاجابه هى ثقه الشاذلى فى أبناء مصر وقدرتهم على قهر المستحيل 

فقرر الشاذلى  الاعتماد  على رجال الصاعقة 

( الكوماندوز ) لتنفيذ هذه المهمة 

وهكذا 

كان من ضمن ما تم يوم 6 أكتوبر 1973  أن أقلعت ستة طائرات هليوكوبتر مصرية من قاعدة انشاص يوم ستة أكتوبر 1973 فى الساعة السابعة مساء وعليها مائة مقاتل صاعقة بقيادة 

النقيب / حمدى شلبى 

ضابط مصرى صغير لم يدعى يوما انه سوبرمان لا يقهر 

عبر برجاله مكلفا بمهمة يعرف أنها مستحيلة طبقا للعلم العسكرى والعقل والمنطق 

حيث كانت مهمته ( إغلاق المحور الساحلى بسيناء الموازى لشط البحر الأبيض المتوسط عند مضيق رمانة اعتبارا من الساعة السادسة صباح سبعة أكتوبر ولمدة 6/ ساعات )

وهى مهمة مستحيلة علميا ومنطقيا فالعدو المكلف بتعطيله هو مجموعه عمليات إسرائيليه مدرعة حوالى 250 دبابة ولواء من رجال المظلات الإسرائيليين 

 وطبقا لقوانين القتال العالمية وخبرات الحروب السابقة

 هى مهمة مستحيلة نظرا لفارق القوه الساحق 

وكان معروفا أنها رحلة ذات اتجاه واحد 

انشاص رمانة الجنة

( رحلة مقدسة وجميلة طلعوها الولاد والقلب مليان إيمان وعناد طلعوا وحالفين ياخدوا بتار الشهدا اللى أتغدر بيهم فى سبعة وستين )

ووصل حمدى شلبى ورجاله إلى منطقه رمانه وشرعوا فورا فى تجهيز المنطقة

فقاموا بحفر  الحفر البرميلية ( حفره بسيطة جدا وصغيرة فى الأرض بعمق واحد متر وقطر حوالى سبعين سنتى تكفى المقاتل فقط . كانت هذه كل حصونهم التى يحتمون بها من قصف الطيران والمدفعية والصواريخ الاسرائيليه ) على أجناب الطريق ورصوا الألغام لمنع الدبابات الاسرائيليه من الالتفاف وإجبارها على عبور منطقه الكمين 

وكما توقع العباقرة فى القاهرة وفى السادسة صباحا يوم 7 أكتوبر وصلت الدبابات الإسرائيلية فى طريقها لقناة السويس 

وتوقف التاريخ مشفقا على حمدى شلبى ورجاله والدبابات الاسرائيليه تندفع بأقصى سرعه لتثير الرعب فى رمال الصحراء نفسها 

ولكن 

باشاره من حمدى شلبى برز الرجال من الحفر واشتعلت الصحراء 

وكانت معركة وملحمة بين الرجال ( وليس معهم سوى أسلحتهم الخفيفة وإيمانهم بالله والوطن  ) وبين المدرعات الاسرائيليه وبها جنود الجيش الذى لا يقهر مسلحين بأحدث وأقوى ما تمتلكه الترسانة الامريكيه من دبابات وأسلحه ومعدات قتال 

وتم تدمير 18 دبابة واثنين عربة مدرعة و4 عربة نقل وأتوبيس ممتلىء بالضباط والجنود الإسرائيليين 

وفتح التاريخ فمه دهشة وذهولا 

 والقوات الاسرائيليه تتوقف وتتراجع وهى فى حاله ذعر ورعب من هؤلاء الملائكة الذين خرجوا من باطن الصحراء ليفتحوا أبواب الجحيم فى وجه الجيش الذى لا يقهر 

 وانسحبت الدبابات الاسرائيليه وسط صرخات الجنود الفزعة 

وأمرت القيادة الاسرائيليه الطيران بالتوجه فورا إلى المنطقة فكل ثانيه ودقيقه لها ثمن باهظ فى الحرب 

وإسرائيل تصارع الزمن لتصل دباباتها إلى الميدان قبل عبور الدبابات المصرية إلى الشرق 

واتى الطيران الاسرائيلى وقام بقصف المنطقة شبرا شبرا وشاركت المدفعية الاسرائيليه البعيدة المدى فى القصف بكل ما تمتلكه إسرائيل من قوه حتى تحولت المنطقة إلى قطعه من الجحيم

وبعد ثلاث ساعات من القصف بالطيران والمدفعية أدركت القيادة الاسرائيليه حتمية أباده كل من بالمنطقة فهذا القصف العنيف للمنطقة شبرا شبرا بالتأكيد قضى على كل مظاهر الحياة بالمنطقة 

وتقدمت الدبابات الاسرائيليه ثانيه بأقصى سرعه وهى تطلق نيران مدافعها ورشاشاتها بمنتهى القوه 

وباشاره من حمدى شلبى يبرز الأبطال من باطن الأرض  وتدور معركة كبيرة ورهيبة فى الثانية عشر ظهرا وتفشل المدرعات الاسرائيليه فى اقتحام المضيق بعد تدمير العديد منها

وتأمر القيادة الاسرائيليه الدبابات بالانسحاب فورا للخلف

ويتصل الجنرال / أدان بتل أبيب يطلب أعاده قصف المنطقة بالطيران فورا وقصفها بالصواريخ الأرض ارض البعيدة المدى مع مشاركه المدفعية البعيدة المدى فى القصف ويطلب التصديق بإشراك رجال المظلات فى المعركة فقواته بكل قوتها ودباباتها الحديثة عاجزة عن عبور المضيق

والقيادة الاسرائيليه تصدق له على طلباته وتطالبه بسرعة اقتحام المضيق فالقوات المصرية تواصل دفع دباباتها للشرق 

وبأقصى سرعه تقوم القيادة الاسرائيليه باعاده دفع الطيران الاسرائيلى مره أخرى ليشارك المدفعية البعيدة المدى والصواريخ ارض / ارض 

فى قصف المنطقة شبرا شبرا بكل ما تمتلكه إسرائيل من قوه 

 ويستمروا فى قصف المنطقة بكل الأسلحة والقنابل 

إلى الساعة الرابعة عصرا ويوقنون انه لا بد قد تم القضاء على كل القوه المصرية 

ولكن حرصا على ضمان ذلك تتقدم سرية مظلات إسرائيلية (مائة فرد مظلات) وهم كريمة الجيش الاسرائيلى أو بمعنى أخر هم المثال الدقيق لكلمه السوبر مان الذى لا يقهر 

وتم إسقاط المظليين الإسرائيليين خلف المنطقة التى تتواجد بها القوه المصرية لحصر وأباده من تبقى منهم ( إذا كان قد تبقى منهم احد ) بينهم وبين الدبابات الاسرائيليه 

وباشاره من حمدى شلبى يبرز الأبطال من حفرهم فى باطن الأرض

 وتدور معركة بالخناجر والايدى المجردة بين حمدى شلبى ورجاله وبين المظليين الإسرائيليين

 وحقد ست سنين على شط القنال مستنيين وتار بحر البقر وأبو زعبل وبورسعيد ودير ياسين وضحايا سبعه وستين ومصر وفلسطين وكل الشهدا اللى أتغدر بيهم فى ستة وخمسين وسبعة وستين كل دول بيصرخوا بالتار 

وحمدى شلبى مصرى جدع وأمين والتار عرض عند المصريين 

( تقدمت إسرائيل بشكوى رسميه للأمم المتحدة أن ضباطها وجنودها من رجال المظلات قتلوا بشراسة )

وتعالت صرخات رجال المظلات الإسرائيليين يطلبون الرحمة يا مصرى 

وتندفع الدبابات الاسرائيليه بأقصى سرعه وهى تطلق كل نيرانها فى محاوله لإنقاذ  كرامه وسمعه الجيش الاسرائيلى ورجال مظلاتهم الذين تعالت صرخاتهم وخناجر المصريين تغوص فى قلوبهم وتمزقهم إلى أشلاء

 وتبدأ الملحمة 

كانت الذخيرة المضادة للدبابات قد نفذت من حمدى شلبى ورجاله ولم يعد بحوزتهم ما يتصدون به للدبابات الاسرائيليه 

ويتوقف التاريخ منبهرا بكل ما فيه من غرائب وعجائب 

ليسجل لحظة غريبة وعجيبة وفريدة لا تحدث إلا من المصريين 

فلو أتى بها مخرج سينمائى فى احد أفلامه لما صدقه احد

 ولقالوا فنتازيا وتخاريف وأوهام مخرج شط به خياله بعيدا عن الواقع 

ولكنهم المصريين 

النقيب / على نجم

ضابط مصرى من ولاد الفلاحين البسطاء الطيبين 

يصاب برصاصة ويدرك انه فى طريقه للاستشهاد 

ويتحامل على نفسه رغم شده الاصابه  ويهجم على دبابة إسرائيليه ويقفز فوقها ويلقى بداخلها قنبلة يدوية فتنفجر الدبابة بمن فيها ويكون هو أولهم 

ويشاهده الجندى / عبد الحليم مهنى 

ويسارع فى تنفيذ ما فعله ويقفز هو أيضا فوق دبابة إسرائيليه ويلقى بداخلها قنبلة يدوية ويفجرها وينفجر معها  

( القفز فوق دبابة معاديه تتحرك وتطلق نيرانها شىء مستحيل ولا يمكن أن يتخيله إنسان ولم يحدث فى اى معركة قبل حرب أكتوبر  ولكنهم المصريين قهروا المستحيل )

وكانت لحظة غريبة وعجيبة 

الضباط والجنود  المصريين بيجروا ورا الدبابات الاسرائيليه 

وأطقم الدبابات الإسرائيليين بعد أن شاهدوا ما يحدث أصابهم الرعب والفزع فاخذوا يفرون بدباباتهم  ومن شده رعبهم وارتباكهم  يصطدمون ببعضهم البعض بالدبابات  

وتفر الدبابات الاسرائيليه من ارض المعركة فى حاله من الرعب والفزع 

وتأمر القيادة الاسرائيليه الطيران بالعودة لقصف المنطقة من جديد مع أعاده قصفها بالمدفعية البعيدة المدى والصواريخ الأرض / ارض 

ويتقدم الليل ليرخى سدوله على سيناء 

 ويكون قد استشهد من الأبطال خمسة وسبعين بطلا

 والليل صديق للعشاق والفدائيين 

ويقرر حمدى شلبى العودة بمن بقى من الرجال فقد نفذت ذخيرتهم

 وقد نجحوا فى تنفيذ مهمتهم 

وبالتأكيد هناك مهام أخرى تريد القيادة تكليفهم بها 

فيأمر رجاله بالتجمع للعودة إلى غرب القناة 

ويقرر حمدى شلبى أن يعبر سهل الطينة برجاله 

فحتما ستستبعد القيادة الاسرائيليه انسحابهم من خلاله فهو منطقه من الطين والرمال والملح تغوص فيها الأقدام إلى أعلى الركبة وهو ما يجعل التحرك خلاله مستحيلا 

ويرجعوا الأبطال ماشيين

 يا سلام عليهم وهم راجعين ماشيين خمسة وعشرين كيلو فى الملح والطين وبيغنوا نشيد الفدائيين

وان مت يا امى ما تبكيش

راح أموت علشان بلدي تعيش

افرحى يا أمه وزفينى

وفى يوم النصر افتكريني

وان طالت يا أمه السنين

خلى اخواتى الصغيرين

يكونوا زى فدائيين يا أمه

قام الطيران الاسرائيلى بمطارده المجموعة وبحث عنها فى كل الطرق والمسالك ولم يجدها ولكنه لم يبحث فى سهل الطينة لأدراك القيادة الاسرائيليه استحالة التحرك خلاله 

ولم تتمكن إسرائيل من استغلال المحور إلا فى الساعة الثامنة من صباح 8 أكتوبر 

اى أن هذه القوة الصغيرة أغلقت هذا المحور لمدة ستة وعشرون ساعة كاملة

مما يعد إعجازا عسكريا بجميع المقاييس 

وقد أشاد الجنرال الاسرائيلى/ أدان ( قائد الفرقة المدرعة الاسرائيليه )بهذه القوة فى مذكراته بعد الحرب وقال عنهم

( لقد قاتل رجال الكوماندوز المصريين على المحور الساحلى بكل بسالة وكأنهم قد اقسموا على أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لمنعنا من الوصول لقناة السويس )

والحق ما شهدت به الأعداء

اسمحوا لى أن أقف احتراما وإجلالا للرجال

بس أمانة اللى يروح القاهرة ويعرف حمدى شلبى يسلم لى عليه ويبوس لى أيديه وعنيه 

ويقوله مصر فاكراك وفى ننى العين والقلب شيلاك





الصور :

الفريق / سعد الدين الشاذلى رئيس اركان حرب القوات المسلحة المصريه فى حرب اكتوبر والقائد العام للجبهه المصريه فى معركه اكتوبر 1973

الرئيس / انور السادات القائد الاعلى للقوات المسلحه المصريه فى حرب اكتوبر 1973


تعليقات

المشاركات الشائعة